المصدر: | مجلة الفقه والقانون |
---|---|
الناشر: | صلاح الدين دكداك |
المؤلف الرئيسي: | الروحي، الحسين (مؤلف) |
المجلد/العدد: | ع38 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
المغرب |
التاريخ الميلادي: |
2015
|
الشهر: | دجنبر |
الصفحات: | 78 - 92 |
ISSN: |
2336-0615 |
رقم MD: | 728022 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | IslamicInfo |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
أولا: ارث إدارة الانتداب الفرنسي: تؤطر النصوص القانونية الصادرة عن المؤسسة التشريعية هذا النوع من التركات؟ فرصيد الوفاة المخول لذوي الحقوق يحدده مرسوم رقم 500-98-2 صادر في 14 من شوال 1419 (فاتح فبراير (1999 الذي يحدد بموجبه نظام رصيد للوفاة لفائدة ذوي حقوق الموظفين المدنيين والعسكريين والأعوان التابعين للدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة، الصادرة بالجريدة الرسمية عدد 4675 بتاريخ 4 ذي الحجة 1419-22 مارس 1999م. والمعاش ينظمه القانون رقم 011.74 الصادر بتاريخ 12 ذي القعدة1391 ه 30) دجنبر 1971م) المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية.... وبالرجوع إلى تواريخ إصدار هذا القوانين يتبين أنها أتت في ظل دخول الدستور المغربي حيز التنفيذ، والذي لم يخرج مند أول طبعة له سنة 1962م والى دستور 2011م عن العبارة الأساسية بديباجته أن الدين الإسلامي هو دين الدول المغربية، مما يوحي أن القوانين التنظيمية لن تزيغ عن التوجه الدستوري. وإن سلمنا جدلا أن مسألة الإرث قد علجت بمدونة الأحوال الشخصية وبمدونة الأسرة، النصان القانونيان الصدران عن نفس المؤسسة التشريعية، إلا انهما لم يستوعبا كل التركة، خاصة تركة الموظف، والتي استكملت توزيعها النصوص القانونية، المتعلقة بتدبير الحياة الإدارية. نصوص متعلقة بشريحة مجتمعية معينة دون غيرها، شريحة من المفروض أن تلتزم بقوانين وليدة الانتداب الفرنسي لارتباطها بإدارة موروثة عن الحقبة ذاتها. لم تعطي هذه القوانين الحق للورثة من الاستفادة من تركة الميت مباشرة إلا نسبيا أو تراتبيا. ونسبية الحصول على نصيب من تركة المتوفي تخرجها من حسابات التركة الشرعية. والتراتبية تسقط حق بعض الورثة من الناحية الشرعية. نسبية وتراتبية التركات القانونية مستوحاة من القانون الفرنسي الذي رتب الورثة درجات تلغي السابقة اللاحقة. ثانيا: مسميات لمعنى واحد: مسميات قانونية لمفهوم واحد: راتب التقاعد، علاوة، معاش، تأمين عن الحياة...: وظف المشرع المغربي تسميات جديدة للحديث عن معنى واحد، فكل ما يخلف الميت وراءه يسمى تركة بحسب النصوص القانونية. وانتقالها إلى يد الغير يضفي عليها صبغة ارث. وهذا ما صرحت به تعريف القواميس الغربية منها والعربية على حد سواء. فنجد نص قانون المعاشات المدنية يسمي نصيب الأرملة براتب الأرملة، ونصيب الأبناء براتب الأيتام، ونصيب الأبوين بمعاش الأبوين، وفي مواطن أخرى يسميها علاوة (الفصل 2.35 قانون المعاشات المدنية). الراتب في النص القانوني مبلغ يصرف لموظف أو مستخدم جراء قيامه بوظيفة بأسلاك الإدارة، فكيف يتم صرف راتب لمن لم يقم بهمة أصلا إلا بحجة قرابته من المتوفي؟ والعلاوة بمثابة منحة مالية تقدم لأجير مقابل تفانيه في العمل أو لمكافئته على البذل والعطاء المتميز. لكن نجد أن هذا المسميات وظفت قانونيا عوضا عن مصطلح تركة الميت، والتي اكتسبها من اقتطاعات من أجرته لتغطية احتياجاته في وقت توقفه عن النشاط. وما تم جمعه من اقتطاع يصبح بحكم القانون رصيدا لصاحبه، وعند وفاته تركة لأهله تقسم بحسب التشريعات المعمول بها. ومنحها كراتب يقتضي من المشرع تعديل نصوص برمتها لتعليل طرحه. إن طرح المشرع باعتماده تسميات جديدة الغاية منها تظليل المتلقي طرح جانب الصواب، وأقحم النصوص القانونية في تناقض. تناقض ولد ازدواجية مرجعية النصوص القانونية المغربية. ثالثا: ازدواجية أيديولوجية المشرع المترنحة بين تضخم الوضعي واستبطان السماوي: مضمون النص القانوني مضمون وضعي ينهل من القوانين الوضعية، لا سيما التماهي مع النص الفرنسي، والنهل من الشريعة الإسلامية. فتراه يستعمل عقد الإراثة كوثيقة لاتباث النسب، ولا يحترم الأنصبة الواردة في نظام الإرث الشرعي. ويقر بالتعدد ففي الفصل 26 من قانون المعاشات المدنية الذي اعتبر أن الأيم له الحق فقط في معاش الزوجة المتوفية الأوفر مبلغا، ولم يعطيه الحق في الحصول على معاش الزيجات الأخريات، حكم يخالف النص الديني المخول للزوج نصيبا من تركة زوجه الهالكة سواء في حالة التوفر على الابن من عدمه. ورؤية النص من زاوية حداثية يمكن القول إن النص المنظم للمعاشات المدنية متقدم في طرحه على اعتبار رفعه الحظر عن صفة الولد الشرعي كما في قانون الجنسية المغربي لسنة 2007م، فاعتبر الولد غير شرعي شرعيا إذا تبثث بنوته بالنسبة للموظفة المتوفية، والذي تتوفر فيه شروط السن أو العاهات المنصوص عليها، الأمر الذي ينافي ما جاء في نصوص الشريعة الإسلامية من الحديث النبوي الشريف المتواتر في مجامع الحديث (وللعاهر الحجر) ( ). وإذا اعتبرنا أن النص يساير ما ذهبت إليه النصوص القانونية المغربية المطالبة بضرورة الموائمة مع المواثيق الدولية فأن النص لم يسمح للطفل المتكفل به في الحصول على معاش أبويه بالتبني في حالة وفاتهما مع أنه سمح لهما في الاستفادة من تعويضات عائلية عند التكفل بالأطفال. رابعا: دستورية التشريع الديني ومدنية الدولة: إن مفارقات النص القانوني المغربي مردها تحولات جذرية في تعاطي المشرع مع الوضعيات الراهنة بالانحراف اليسير عن الهوية الدينية للدولة، فمن تشريع مصدره الدين إلى تشريع وضعي. تحول سلس استفاد في بداية الاستقلال من بقايا الإدارة الفرنسية وآنيا من انخراط الدولة المغربية الفعلي في أنشطة الهيئات الدولية لتبرير مستخرجاته التشريعية. والغاية تفادى الدخول في صراع داخلي قد يعيق صيرورة مواءمة التشريع الوطني بالمواثيق الدولية المصادق عليها لدى الهيئات الدولية. إن الدستور المغربي صريح في الهوية الدينية للدولة ومن البديهي أن يكون التشريع من اختصاص الفقهاء والمجتهدين، لا أن يعهد إلى مؤسسة تشريعية. والخروج بمدونة الأسرة في قالب تشريعي، نابع من قبة البرلمان المغربي، رغم أن اللجنة المكلفة مكونة من شخصيات مختلفة المشارب والأطياف المعرفية، فالأمر لا يعدو يكون بداية انتقال اختصاصات. قطيعة مع الماضي يتمثل في الاستعاضة عن ذوي الاختصاص في تأويل وتفسير التشريع السماوي وتنزيله أحكاما تسري على الرعية لتحل مكانه مؤسسة تشريعية دلالة واضحة على بداية تنزيل الدولة المدنية مكان الدولة الدينية. وما مثال تقاطع النصوص التشريعية في توزيع التركة بين النص الشرعي، مدونة الأسرة للمسلمين والأحوال الشخصية لليهود...والنصوص القانونية لفئات بعينها تنتمي إلى الطوائف المجتمعية كلها، ليجعل المتلقي للتشريع في مفترق السبل بين اتباع تعاليم الدين والخضوع لمقتضيات النص القانوني. والسؤال الذي يبقى عالقا هل بإمكان أي شخص تحت سيادة الدولة معارضة التعامل بما جاءت به النصوص القانونية إن تبث مخالفتها لمعتقداته الدينية، أم كيف سيبرئ ذمته أمام ربه إن علم أن جزء من تركته لم ولن يخضع لما أراده ربه منه وهو على قيد الحياة؟ |
---|---|
ISSN: |
2336-0615 |