المستخلص: |
لقد لقي ماض إسبانيا وتاريخها المبكر اهتماماً غير مسبوق من قبل الكتاب والأدباء في شبه الجزيرة الأيبيرية وأمريكا اللاتينية منذ نهاية القرن الثامن عشر حتى منتصف القرن العشرين. وقد برز هذا الاهتمام مع نهاية (عصر التنوير) ليس فقط في الأدب المسرحي وإنما في جميع الأجناس الأدبية الأخرى، وبلغ ذروته مع الاتجاه (الرومانسي) في القرن التاسع عشر وامتد إلى (الحداثة) وما بعدها في القرن العشرين. ولقد شهدت إسبانيا تحولات سياسية سريعة ومتوالية منذ تولي عائلة بوربون ذات الأصول الفرنسية مقاليد الحكم في البلاد بعد حروب المطالبة بالعرش الإسباني (1701-1715م)، واكبتها تغيرات اجتماعية، ثقافية، وفلسفية أثرت على جميع مناحي الحياة داخل المجتمع الإسباني. وساد في القرن الثامن عشر اتجاه إعمال العقل الذي كان يبغي تنوير العقول من الظلام والجهل والخرافة على المشاعر وسلط الضوء على الأصالة ومميزات الانفصال عن الماضي، والدين عن الدولة، بيد أن روح التجريب والثورة العلمية والصناعة في القرن التاسع عشر واجهت الاتجاه العقلاني بالرومانسية في خضم المطالبات بحرية أكبر وحقوق أكثر ولا سيما للمرأة، لكن الحركة الرومانسية قدمت كيفية جديدة في الإحساس والتصور والتفكير والتعبير، أي مفهوماً جديداً للواقع، انطلاقاً من الاعتقاد بالحرية والتقدم، ومن ثم فقد غلبت المشاعر على العقل، وكان من أبرز خصائصها الأدبية العودة إلى المطاردة الوطنية والقومية، والأجواد الشعبية المحلية، وإعادة الاعتبار إلى العصر الوسيط، والبطولات والمآثر التي ظهرت فيه وما اكتنفها من حكايات وأساطير وملاحم صبغت في أغلبها بالصبغة السياسية الاجتماعية. وقد أثر ذلك على النتاج المسرحي الإسباني الذي اضلع بدور تثقيفي وتعليمي للشعب حيث بدأ كتابه وأدباءه في صياغة أعمال درامية تبرز بطولات ومآثر قومية مستمدة من وقائع وأحداث ماضية جسدتها شخصيات حقيقية، رمزة، اعتبارية وغير اعتبارية، جمعية، إسبانية وعربية، في إطار درامي تاريخي مغلف بالأساطير والخيال في محاولة لطمس الحقائق وتشويه العنصر العربي وموروثه الثقافي والديني، بداية من الفتح العربي لإسبانيا أو ما يطلق عليه بــ"ضياع إسبانيا" (711م) مروراً بمرحلة الاسترداد (1492م) ووصولاً إلى مرحلة الطرد في (1609م). لقد عكس الاهتمام الأدبي بالدراما التاريخية لموضوع فتح إسبانيا أو ضياعها (انتقال السلطة للعرب وتحول الدولة إلى مستعمرة عربية مؤداه ضياع القومية الإسبانية) تجسيداً درامياً للعنصر العربي سواء لأبطاله أو سواد لمفرداته اللغوية أو موروثه الدني والثقافي على مدار ثمانية أو تسع قرون، ومن أجل إخراج هذا التجسيد في إطار درامي عكف المؤلفون على استلهام موضوعاتهم البطولية من المصادر التاريخية، المدونة من قبل مؤرخيهم، أو استحضار أساطير الماضي الدينية والدنيوية المستقاة من التراث الشعبي، كرافدين تم مزجهما معاً ثم البناء عليهما في معظم أعمالهم الدرامية، واعتمد طرحهم في غالبيته على الدراما التاريخية (الحماسية- القومية) التي تفرعت إلى أجناس أخرى، نمت في جنباتها عن المواجهة وتغليب الجانب الإسباني على الآخر. وقد شكل هذا الأمر صعوبة بالغة سواء في تناول دروبها أو في الوقوف على أبعاد إسقاطاتها وذلك نظراً لعدم وجود دراسات تخصصية سابقة، إضافة إلى عمقها البلاغي الذي يتسم بأسلوب تدوين متغير وصياغة شعرية حماسية. لذا كان الغرض من الدراسة الوقوف على طرق وتقنيات تجسيد العنصر العربي في الدراما التاريخية الإسبانية في هذا الجزء الأول منها، حيث يسلط الضوء على موضوع "الفتح العربي لإسبانيا" من خلال التجسيد المباشر أو غير المباشر للشخصيات، وأسلوب معالجتها والذي يعد من أدق العناصر في تحليل وتقييم الأعمال المسرحية إذ يقوم على نقد النموذج الدرامي لاختيار الأبطال وتوزيع الأدوار على الشخصيات من عدة جوانب نفسية، أخلاقية، اجتماعية، سياسية... تسهم في تجسيد الحبكة الدرامية في إطار المعطيات والدلالات الواقعية أو الخيالية لوحدات البناء الدرامي ومن ثم تتكشف لنا الرؤية الاجتماعية- السياسية أو الأيدولوجية للكتاب تجاه العنصر العربي. من أجل ذلك، ارتكز المنهج العلمي المتبع على نظرية التفسير الأدبي، ونظرية دراسة الظواهر في الأدب، فكلتاهما تمكنان من استخراج نماذج محددة لظاهرة معينة أو متشابهة ودراستها ونقدها نقداً علمياً موضوعياً، كما أن هذه المنهجية متعددة الاتجاهات، تطوع في استخدامها للتوفيق بين كم الأعمال وكيفيتها مما يسمح لنا بإبراز الصورة الأخلاقية والاجتماعية، والسمات اللغوية والثقافية والأيدولوجية للشخصيات، وإجراء المقارنات المتماثلة بداية من أسماء الأبطال، وانتهاءً بالتقنيات الدرامية الأخرى الخاصة بالبناء والتجسيد، في إطار الأعمال المختارة.
Se propone en este trabajo un estudio sobre las vías de la cracterisación del elemento árabe en el drama histórico español a partir de la Ilustración hasta la segunda mitad del siglo XX. Con el orden temático y cronológico de obras, ubicadas en diversas épocas, se pretende abarcar el alcance dramático marcado por el desarrollo y la evolución en lo que se refiere a los recursos teatrales de caracterizanción. Las vías se estudian sistemáticamente en dos partes, particularmente, en tematicas de fondo heroico o nacional, siendo el comentario en la presente destinado al tema de la pérdida de España que afectrá a todos los elementos compositivos del drama y, por tanto, los factores sociopolíticos, culturales e ideológicos que intrevienen en su contextualización. Se trata, pues, de un estudio que analiza, en primer lugar, las técnicas de la caracterización siguiendo un esquema que nos permite, valorar su evolución en tramas, acciones y, consecuentemente, carcterizaciones de figuras que vertebran la construcción dramática y la visión sociopolítica en diferentes aspectos.
|