ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







حرية التصرفات المالية في الإسلام ومدى سلطة ولي الأمر في تقييدها

المصدر: مجلة الدراسات المالية والمصرفية
الناشر: الاكاديمية العربية للعلوم المالية والمصرفية - مركز البحوث المالية والمصرفية
المؤلف الرئيسي: بن زغيبة، عز الدين (مؤلف)
المجلد/العدد: مج23, ع2
محكمة: لا
الدولة: الأردن
التاريخ الميلادي: 2015
الصفحات: 80
ISSN: 1682-718X
رقم MD: 741951
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: EcoLink
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

153

حفظ في:
المستخلص: إن الحريات مهما كان نوعها وطبيعتها، فإنه من الصعب الفصل بين أنواعها؛ لأنها وصف كليٌ لا يقبل التجزئة، ولذلك نجد أنه إذا فقد نوع منها عاد على أصلها بالاختلال، وإذا كانت حرية الإنسان مرتبطة بحياته، فإنه متى فقدها فقد ذاته، فهي حاجة ملحة له، وضرورية لحياته، وليست حقاً بإمكان الإنسان أن يتخلى عنه؛ بل هي واجب عليه، وفريضة وأمانة، ومن ثم جاء حرص الشريعة على عد الحرية مقصدا من مقاصدها الضرورية، واستقراء ذلك واضح من تصرفات الشريعة التي دلت على أن من أهم مقاصدها إبطال العبودية وتعميم الحرية، حرية الذات والقول والفعل والتصرف والاختيار، وفق ضوابط وقيود تحكم استعمالها حتى لا تعود على الفرد والمجتمع بالضرر . فالإسلام لم يأت ليجبر الناس على أن يسيروا حياتهم، وينظموا تعاونهم فيما بينهم، وسعيهم في تحصيل ضرورياتهم وحاجاتهم، وإقامة مصالحهم ومصالح من هو تحت نظرهم، وحظوظ الجميع الدنيوية، ضمن قوالب تشريعية، وأحكام سلطانية لا يمكنهم الخروج عليها، أو الاجتهاد فيها، وإنما وضع أصولاً وطلب المحافظة عليها، وحد حدوداً ودعا إلى عدم الاعتداء عليها، ونشر قيماً في الناس وطلب مراعاتها وعدم خرقها، وما عداه فقد أعطى فيه للإنسان حريته في السعي والطلب والابتكار والإبداع، ووضع الضوابط والشروط لما يدخل فيه من التصرفات، ما لم تحرم تلك الشروط حلالاً، أو تحل حراماً، أو تؤدي إلى معصية الخالق، بل طلب منه التأمل والنظر والتفكير والتدبير في شؤون نفسه ودنياه وآخرته وما يصلحهما من تصرفاته وأفعاله على الضوابط الشرعية، والأعراف المرعية؛ لأن كل إنسان أدرى بأمور دنياه من غيره، وكل مجتمع أدرى بما يصلح له ويصلح أمره من غيره، وعلى هذه المعاني فتح له باب الاجتهاد مطلقه ومقيده، وفق ضوابط تحفظ ذاته وكيانه ونظامه ومنظومته الاجتماعية، وتحقق له الغاية السامية من اجتماعه المبنية على التعاون على البر والتقوى، وعدم التعاون على الإثم والعدوان. ولم تكن حرية التصرفات المالية وغير المالية، مطلقة في أي تشريع سماوي وغير سماوي، ولا في عرف أي مجتمع كان، بغض النظر عن طبيعة تلك القيود والحدود التي يراها كل تشريع ومجتمع، وكذلك الذرائع المعتبرة عنده من جهة الغلق والفتح. وقد خولت الشريعة لولي الأمر تقييد حرية التصرفات المالية للأشخاص الحقيقيين والاعتباريين، إذا وقع منهم ما يستدعي ذلك، أو إذا كانت أوضاع البلاد الاقتصادية والأمنية والاجتماعية تتطلب نوعاً من تلك التقييدات، أو لما يراه هو من التقييدات الضرورية، من أجل الصالح العام، ومن خلال فترة البحث التي قضيتها مع هذا الموضوع، أجمع شوارده، وأقيد أوابده، وأستخرج أصوله وفروعه، وأحرر معانيه وأفكاره، وأرتب مباحثه ومطالبه، استخرجت مجموعة من النتائج تتمثل فيما يأتي: 1. إن إقامة الحرية هو من أعظم مقاصد الشريعة، وضرورة من الضرورات الإنسانية وفريضة إلهية وتكليفٌ شرعيٌ واجب، وليست مجرد حق من الحقوق يجوز لصاحبها التنازل عنها إن أراد، ولهذا المعنى أقرت لها الشريعة جملة من الأحكام والشروط لتحفظها من جانب الوجود كما هو الحال من جانب العدم. 2. إن الحريات مهما كان نوعها وطبيعتها، فإنه من الصعب الفصل بين أنواعها؛ لأنها وصف كلي لا يقبل التجزئة، ولذلك نجد أنه إذا فقد نوع منها عاد على أصلها بالاختلال، وإذا كانت حرية الإنسان مرتبطة بحياته، فإنه متى فقدها فقد ذاته. 3. إن الحكم على حرية التصرف بالإطلاق أو التقييد راجع إلى قاعدة جلب المصالح ودفع المفاسد، وذلك بالنظر إليها من حيث الآثار المترتبة على الجلب والدفع عند التعارض. 4. إن حق حرية التصرف المالي محفوظ في النظام الإسلامي لكل فرد من أفراد الأمة، شريطة أن يكون ضمن ضوابط الشريعة المؤدية إلى التعاون على البر والتقوى. 5. على ولي الأمر التريث وعدم التسرع؛ في تقييد حرية التصرف؛ لأن ما زاد على ما يقتضيه درء المفاسد وجلب المصالح الحاجية في تقييد حرية التصرف يعد ظلماً، والظلم في الشريعة مدفوع ومرفوع. 6. لقد تبين مما سبق ذكره من الأدلة والوقائع، أن لولي الأمر سلطة تقييد حرية التصرفات المالية وفق ما تقتضيه المصلحة العامة وحاجة المجتمع الاقتصادية والأمنية والأخلاقية وغيرها، مما يراه ولي الأمر ضرورياً لاستقرار البلاد وسلامة العباد، هذا في المعاوضات وما في حكمها، أما فيما يتعلق بالتبرعات؛ فقد ذكر العلماء أنه ليس لولي الأمر تحجير التبرعات والأعمال الخيرية أو تقييدها، مما هو مباح للإنسان في تصرفاته المالية، إلا إذا حفت بها مفاسد تخرجها عن مقصدها الذي شرعت لأجله؛ لأن من مقاصد الشارع الخاصة بالتبرعات تكثيرها والتوسع في صور انعقادها، وهو ما يناقضه التحجير فيها وتقييدها، إلا إذا نجم عنها ضرر أو مفسدة أو اختلال أمن بإقرار أهل الحل والعقد، عندها يجوز له تقييدها، وربما يجب عليه القيام بذلك في حالات معينة أين تكون المفسدة عظيمة، كالتي يترتب عليها فساد في البلاد، وضرر للعباد، وهلاك في الحرث والنسل . \

ISSN: 1682-718X

عناصر مشابهة