المستخلص: |
عند منتصف القرن الماضي, أخذت الكثير من الدول الإفريقية تتحسس طريقها نحو الحرية والاستقلال, وواكب هذه التحولات السياسية, انتفاضة ثقافية سواء لدى الأفارقة أو الأوروبيين (المستعمَر والمستعمِر), وبناء على هذه المستجدات, تغيرت نظرة أوروبا تجاه إفريقيا, وبات الاهتمام العلمي المتحرر من الكثير من سمات المدرسة الاستعمارية أو ترسبات الحروب الصليبية, يفرض نفسه بشكل تدريجي في حقل الدراسات الإفريقية. في سياق هذه التطورات الإيجابية, لم تجد الكنيسة بداً من الانخراط في هذه الدينامية الجديدة, فأخذت هي الأخرى تهتم بالحالة الدينية للمجتمعات الإفريقية بشكل أكاديمي, بعيداً عن النزعات الشوفينية التي تعودنا عليها في إطار الصراع المسيحي الإسلامي, الذي استعر خلال الحروب الصليبية منذ القرن الحادي عشر الميلادي, وترك آثاراً عميقة في نفسية الطرفين على امتداد القرون اللاحقة. ولعل من أهم الأسماء التي تصدرت التوجه الجديد, ووهبت حياتها لخدمة مسألة التقارب والتسامح الديني, خاصة بين المسيحية والإسلام في الأرض الإفريقية: الأب والمستشرق لويس غارديه (Gardet Louis) والأب المستعرب والمؤرخ جوريف كيوك (Joseph Cuoq), والأب المستعرب موريس بورمان (Maurice Borrmans) وغيرهم. وبحكم الاختصاص, تروم هذه الدراسة, التركيز على أعمال الأب جوزيف كيوك, باعتباره من أهم رجال الكنيسة المسيحية, الذين تابعوا بعدة الباحث المؤرخ, صيرورة تجربة المسيحية والإسلام في القارة الإفريقية, مخلفاً مجموعة من الدراسات الرائدة في حقل الدراسات الإفريقية.
|