المصدر: | دراسات |
---|---|
الناشر: | جامعة ابن زهر - كلية الاداب والعلوم الإنسانية |
المؤلف الرئيسي: | بوسكة، السعيد (مؤلف) |
المجلد/العدد: | ع18 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
المغرب |
التاريخ الميلادي: |
2015
|
الصفحات: | 11 - 44 |
رقم MD: | 780824 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | HumanIndex, AraBase |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
ارتبطت قبائل سوس إلى جانب جباياتها للمخزن، مثل باقي قبائل البلاد، بعلاقات جبائية مع المدارس العلمية والزوايا: منها منتظم زين الجني والقطاف ومواسم الزوايا، واستثنائي خارج هذه المناسبات. وقد كانت كل هذه المداخيل في إطار الوظائف المقدمة من لدن هذه المراكز للقبائل، وخاصة التعليم والإطعام والوساطة والتحكيم وبركة الأشياخ لقضاء مآرب الأفراد والجماعات في الأمن والغذاء.. واتخذت مداخيلها صورة مصغرة أشبه بجباية مخزنية: واجب سنوي، وهدايا الشيوخ، ثم كلف الخدمة في الأملاك الخاصة أو المحبسة على هؤلاء. ووظفت المدارس والزوايا، والتي تباينت مواردها باختلاف إشعاع نفوذها وأهمية أدوارها، وسائل كثيرة زاوجت بين المادي والرمزي للحفاظ على التزام القبائل اتجاهها: من خطاب فقهي وصوفي تراوح بين الترغيب والترهيب، ومتون أعراف محلية تبنت مشروع المدرسة أو الزاوية، وعدت استمراره جزءا من النظام العام للقبيلة. كما كان عليها إقناع الخاصة والعامة بضرورة الدعم ودوام الأداء في كل مناسبة: زمن المواسم وفي الأسواق، وحين جولات الأشياخ. واستعانت الكبيرة منها بالمخزن للحصول على ظهائر توقرها من وظائفه وكلفه، أو تنفذ لها أعشار قبيلة أو أكثر. لقد شهد سوس أواخر القرن التاسع عشر مفارقة واضحة: من جهة بادر المولى الحسن في حركتيه إلى المنطقة بضخ دماء جديدة في فئة الموقرين، فلم يكتف بتجديد الظهائر حتى لمن حازوها قبل العلويين، وتحديدا في عهد السعديين، بل أقر التحرير أو التنفيذ كذلك لأعيان جدد، ولنا أن ندرك الاتساع الذي بلغته قاعدة هؤلاء، حيث راكمت تاريخاه امتد أربعة قرون، متوقفة في بدايتها على أفراد، ثم توسعت بتكاثر نسل الأشياخ، لتشمل أقرباءهم وأصدقاءهم وحتى الخدم من عبيد وحراطين، وهو ما أعاق محاولات إحصاء للموقرين في عهد هذا السلطان وبعده. ومن جهة ثانية، اتخذت جباية المخزن بعد وفاة المولى الحسن أسلوب الشدة وإعمال القوة في السهل والجبل لجبي الأموال، مما شكل استهدافا مزدوجا لموارد المدارس والزوايا؛ استهداف غير مباشر قبل الترهب العزيزي، حيث كان المخزن يحسب أنه يوقر شيوخها، والواقع أنه هدد محور جباياتها، وهي الكوانين، فبين الكانون وهذه المراكز علاقات مادية قديمة لا تقتصر على واجب سنوي، بل كان في أملاك هؤلاء نصيب للمدرسة أو الزاوية لم يكن ممكنا التخلص منه حتى حين نقل الممتلكات بيعا أو رهنا، وحتى عند اقتسام التركات. وهناك استهداف مباشر بدأ بإطلاق المولى عبد العزيز العنان لتربيب كان من مقاصده التسوية بين الشريف والمشروف، فشكل ذلك تهديدا لموارد المدارس والزوايا ونفوذ شيوخها. لذا لا نستغرب ردود فعل هؤلاء، التي تراوحت بين اتهام عمال المخزن بأكل أموالها، والاحتجاج على سياساته في جمع الجبايات وأوجه صرفها، إلى مناصرة تمردات على بعض ممثلي المخزن، وأحياناً قيادة بعضها، ومنها محاولات لم تخف رغبتها في القضاء على ممثلي المخزن، والعودة إلى علاقة شيوخ المدارس والزوايا بنفاليس القبائل كما كانت في سابق عهدها. لم يكن المخزن وحده سبب ما آلت إليه معظم المدارس والزوايا خلال هذه الفترة، فهناك وقع الكوارث الطبيعية المتلاحقة على المنطقة، وانهيار تجار الجنوب تحت إكراه الضغط الإمبريالي مركزيا ومحليا، فضلا عن أزماتها الداخلية بسبب نزاعات نسل الأشياخ على الثروة وما بقي من نفوذ. وهو ما كان يؤذن بدنو نهاي مرحلة طويلة من العلاقات والأدوار والوظائف المرتبطة بالجباية المحلية غير المخزنية. |
---|