المستخلص: |
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد: فلقد صنف العلماء رحمهم الله، ونفع بحميد سعيهم في تفسير القرآن الكريم تصانيف كثيرة, كل منهم قد أبلغ جهده وطاقته على قدر ما أوتي من العلم والفهم، فمنهم من بسط القول فيه بسطاً كثيرًا، فقصرت الهمم عن تحصيله، ومعرفة جميله وتفصيله، فكان ذلك سببًا في تركه وإهماله؛ كما كان هو الغاية القصوى، ومنهم من اختصر اختصارًا كثيرًا ليسهل تناوله؛ ولكنه اختصار مخل لتركه كثيراً من معانيه وأسباب نزوله وقصصه وغيرها، فلم يشف القلوب ولا أزال عنها الكروب، وكان من أوسطها حجمًا وأكثرها نفعًا وأعذبها لفظًا وأسهلها متناولاً كتاب البيان الشافي في تفسير القرآن الكافي للشيخ العالم الفاضل محيي الدين عطية بن محمد بن أحمد النجراني, الذي يُعد من كتب تفسير الزيدية التي جمعت بين فني الرواية والدراية إلا أن جانب التفسير بالمأثور غلب على كتابه مع ذكره لأقوال أهل الرأي. ولقد ظهرت شخصية النجراني العلمية في تفسيره, وتنوعت اهتماماتها, وتفننها في معارف شتي, فهو يتحدث عن مسائل فقهية, وأخرى لغوية, ويذكر القراءآت القرآنية ويوجهها, ويزين تفسيره بالنكت التفسيرية والبلاغية, ويعرب كلمات القرآن ويقف عند معانيها. وظهرت أيضاً عنايته بعلوم القرآن عناية فائقة, ولا أدل ّعلى ذلك من افتتاح تفسيره بذكر فصول منها, وتضمين تفسيره شيئاً من علوم القرآن؛ كعدّ آي القرآن, وكلماته, وحروفه, والناسخ والمنسوخ, والمكي والمدني, إلي غير ذلك. إن هذا الكتاب هو قمة عطائه، وأضخم إنجازاته العلمية، ومن أجل هذا اخترته للدراسة والتحقيق, مقسماَ الدراسة الى قسمين: القسم الأول: التعريف بحياة المؤلف الشخصية والعلميه, ثم التعريف بالكتاب ونسبته الى مؤلفه, والقسم الثاني: تحقيق النص وفيه: التفسير من سورة "ص" إلى آخر سورة الناس. وأخيراً فإن هذا الكتاب - كما أشرت في الدراسة- من الكتب القيمة التي تعد مرجعاً في أقوال أئمة الزيدية في التفسير, فجزى الله مؤلفه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأسأل الله التوفيق والمثوبة لي، ولكل من أسهم في إخراج هذا الكتاب وخدمته, والحمد لله أولاً وآخراً, ومنه القبول والتوفيق, فهو سبحانه المأمول وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وآله، وصحبه.
|