المستخلص: |
إننا لا ننكر القول بضعف الشعر في اول الإسلام لكننا نقره وفق المعالجة التي اعتمدنا على ارتباط الشعر بالبيئة. ونقر بأن الإسلام وجه الشعر والشعراء بما يناسب المبادئ التي دعا لها الدين الجديد، كما حث على التخلي عن بعض القيم الجاهلية، وهو أمر ضروري لأي رسالة جاءت للإصلاح والتوحيد. فالشعراء استقوا الألفاظ الجديدة، والمعاني التي جاءت بها القرآن واستطاعوا ان يعبروا ويصوروا بها قصائد شعرية ارتفع في بعض الأحيان الي مستوى أشعار الفحول، بل تفوقت عليها عندما أخذ الإسلام في التطور. أما عن الضعف الذي يمكن أن يتفق فيه مع بعض الدارسين فهو عند شعراء الفترة التي واكبت والدعوة وخاصة شعراء القرى العربية الي جانب محاولة ذوي القرائح غير المصقولة أن يسهموا في الدفاع عن الإسلام، فضلا عن الرواة الذين اهتموا بفترة الدعوة وجمعوا أكبر قدر من الأشعار الجيدة منها والرديئة، كما كثر الوضع ونسبة القصائد لغير قائليها، كل ذلك حمل الدارسين على القول بضعف الشعر. ولكن مع تطور الدولة العربية الإسلامية واستقرار الحياة فيها واشتداد الصراعات السياسية وانبعاث العصبية العربية، وظهور الشعوبية، وتوافد الثقافات المتنوعة، ازدادت أهمية الشعر وصار وسيلة للدفاع والإشادة فعاد الفحول الي سابق عهدهم واتضح ذلك عند شعراء من أمثال جرير والفرزدق والأخطل، ثم ظهر المحدثون الذين انطلقوا بالشعر العربي الى أفاق جديدة تفننوا فيها بأساليب القول والصنعة الفنية التي بدأت ببشار واشتدت ضراوتها عند أبي تمام والمتنبي والمعري وغيرهم.
|