المستخلص: |
التحقيق هو مرحلة تقطعها الدعوى العمومية قبل تعهد محكمة القضاء. وتشتمل هذه المرحلة على جملة من الإجراءات ومن بينها إجراء الاستنطاق، وفي صورة إهماله يترتب عنه بطلان قرار ختم البحث. ولكن بالرغم من أهمية هذا الإجراء، إلا أنه يصطدم بالحق في الصمت وهو من القواعد الجوهرية التي تندرج في إطار حقوق الدفاع. و أمام الوضعية المتناقضة التالية: من ناحية يعد إجبار المشتبه فيه على التكلم، جريمة يعاقب عليها القانون ومسا من حقوق الدفاع وفي الناحية المقابلة إهمال إجراء الاستنطاق يترتب عنه بطلان قرار ختم البحث وتظليل الحقيقة، يطرح السؤال التالي كيف أمكن للمشرع التونسي التوفيق بين الحق في الصمت وإجراء الاستنطاق أثناء التحقيق؟ تمكن المشرع من خلق هذا التوفيق من خلال الاعتراف بالحق في الصحة أثناء الاستنطاق التحقيقي. ويتجلى هذا الاعتراف من خلال تركيز الحق في الصمت على مبدأين أساسيين وهما قرينة البراءة وتحمل النيابة العمومية عبء الإثبات للفعل الإجرامي. وطالما أن المتهم برئ إلى أن تثبت إدانته فمن حقه أن يلتزم الصمت وأن يقف موقفا سلبيا في عملية الاستنطاق وينتظر مآل الدعوى دون أن يسعى في جمع أدلة براءته، في حين يتحمل ممثل النيابة العمومية، بما أنه مثير الدعوى العمومية وممارسها، عبء إثبات التهمة على المضنون فيه. و بصفة عامة، لم يكتف المشرع بالاعتراف بالحق في الصمت وإنما أيضا بين تجلياته أثناء عملية الاستنطاق التحقيقي، إذ تشتمل هذه العملية على طورين، الطور الأول يتعلق بإجراءات حضور المتهم لأول مرة لدى التحقيق والطور الثاني يتعلق باستنطاق ذو الشبهة في الأصل من طرف قاضي التحقيق. بالنسبة للطور الأول الذي يمثله استنطاق الحضور الأول، فلقد أعطى المشرع لذي الشبهة إمكانية التمسك بالصمت المؤقت حتى يقع تعيين محام. والهدف من هذا الإجراء هو حماية ذي الشبهة من التصريحات السريعة التي لا تخدم مصلحته. وأما بالنسبة للطور الثاني الذي يمثله الاستنطاق في الأصل، فلقد أعطى المشرع لذي الشبهة حق التمسك بالصمت كوسيلة من وسائل الدفاع. و بالرغم من أهمية الحق في الصمت أثناء عملية الاستنطاق التحقيقي، إلا أنه ليس مطلقا. وتتجلى حدود هذا الحق أولا في حالة التأكد التي لم يعرفها المشرع التونسي بل اقتصر فقط على تعداد حالاته. وهي ثلاث حالات ذكرت على سبيل الحصر لا الذكر عملا بقاعدة التأويل الضيق للنص الجزائي. و تتمثل هذه الحالات الثلاث، أولا في حالة الشاهد على فراش الموت وثانيا في حالة وجود آثار وأدلة على وشك الاندثار والاختفاء وثالثا في حالة وجود قاضي التحقيق أثناء وقوع الجريمة المتلبس بها. في هذه الحالات الحصرية، يجري قاضي التحقيق في الحين استنطاقا دون مراعاة حق ذو الشبهة في التزام الصمت حتى يقع تعيين محام الدفاع، وذلك لمنع ضياع الحقيقة المهددة في هذه الحالات بالاضمحلال والاندثار. و ثانيا في إخراج الصمت من دائرة الحقوق والزج به في دائرة الواجبات لبعض الأشخاص كالمحامي وممثل النيابة العمومية اللذان يحضران إلى جانب قاضي التحقيق والمضنون فيه في عملية الاستنطاق، ولكن يقتصر الحق في الصمت فقط على المشتبه فيه، ولا تتمتع به الأطراف الأخرى. و إن اقتصار الحق في الصمت على المشتبه به أمر طبيعي فكما أسلفنا فهو حق يدخل في نطاق حقوق الدفاع، وبما أن المحامي أو ممثل النيابة العمومية ليسا في دائرة الاتهام فهما لا يحتاجانه. و لقد ألزمهما المشرع مبدئيا بواجب الصمت، بمعنى عدم التدخل في هذه العملية، ولكن بصفة استثنائية، يمكن للمحامي أو لممثل النيابة العمومية أن يتكلم بعد أخذ موافقة قاضي التحقيق لتسجيل اعتراض أو ملاحظة. وفي صورة عدم موافقة قاضي التحقيق، يجب عليه أن يسجل ذلك في المحضر. \
The right to silence during interrogation Investigation is the phase of the public prosecution proceeding before the court’s commitment. This phase icludes a series of procedures among them the procedure of interrogation. This procedure is very important. In the form of neglect leads to the nullity of the investigation. However, despite the importance of the procedure, it contradicts the right to silence. This right is one of the fundamental rules on the rights of the defense. In front of this paradoxical situation, the following question arises as to how the Tunisien legislature was able to reconcile the right to silence and the procedure of prosecution ? The legislator was able to create this conciliation by enshrining the right to silence during the questioning phase. The right to silence is based on two principles: the principle of the presumption of innocence and the principle of the public prosecution bears the burden of proof. The interrogation process is divided into two parts : The first phase concerns the procedings of the first time the accused is present to the investigating judge. In this phase, the legislator gave the accused the possibility of holding on the temporary silence until the appointment of a lowyer. The purpose of this measure is to protect the suspicion of quick statements that do not serve his interests. The second phase relates to the suspect being originally questioned by investigating judge. In this phase, the legislator gave the accused the right to hold silence as a means of defense. Despite the importance of the right to remain silent during interrogation, it is not absolute, and the limits of this right are expressed : At first, the case of certainty is three situations : Primarily, the patient’s condition on the deathbed. Secondly, evidence is about to go away. Thirdly, cases of flagrante delicto. In these three situations, the investigation judge can be questioned without respect for the accused’s right to remain silent in order to prevent the truth from extinction. Second, to remove silence from the circle of rights and to place it in the circle of duties for some people as the lawyer and the representative of the public prosecution who attending the questioning process. The legislator has committed the lawyer and the public prosecutor to remain silent during the investigation, but, a lawyer or public prosecutor can speak after the investigation judge’s permission. \
|