ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







أضواء جدیدة عن الجمل فی الفن المصری القدیم

المصدر: مجلة الإتحاد العام للآثاريين العرب
الناشر: الإتحاد العام للآثاريين العرب
المؤلف الرئيسي: عمار، حسنی (مؤلف)
المجلد/العدد: ع13
محكمة: نعم
الدولة: مصر
التاريخ الميلادي: 2012
التاريخ الهجري: 1433
الشهر: يناير
الصفحات: 122 - 145
ISSN: 2536-9822
رقم MD: 847951
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

144

حفظ في:
المستخلص: لعبت الإبل دورا كبيرا في التاريخ الحضاري لبعض المناطق الصحراوية في الشرق الأدنى القديم بصفة عامة والجزيرة العربية بصفة خاصة. وعلى الرغم من هذه الأهمية وذلك الدور الكبير، فئد اختلفت آراء الباحثين حول تحديد الفترة التي استؤنس الجمل خلالها. فهناك من يعود بذلك لتاريخ مبكر وهو الألف الرابع قبل الميلاد. وذلك بناء على الأدلة الأثرية في مصر ووادي الرافدين. ويرى فريق آخر أن استئناس الجمل حدث في أواخر الألف الثالث وبدايات الألف الثاني قبل الميلاد. وهناك من يرى أن ذلك حدث في القرنين الثاني عشر والثالث عشر قبل الميلاد. وفي مقابل هذا الدور الكبير للإبل في بعض مناطق الشرق الأدنى القديم والجزيرة العربية، يحيط بدورها الغموض في مصر القديمة، ولا زال هذا الدور محل بحث وخلاف بين المتخصصين. ولا يرجع هذا الاختلاف إلى قلة ظهور الجمل في الفنون المصرية القديمة فقط، وإنما أيضا إلى وجود اختلاف وشك حول هذه النماذج القليلة التي ظهر فيها الجمل في الفن المصري، ولاسيما تلك التي تعود إلى العصور السابقة على الدولة الحديثة. وذلك يثير الكثير من التساؤلات حول هذا النقص لاسيما وأن الفنان المصري القديم نجح في تصوير كل الكائنات الحيوانية التي وجدت في البيئة المصرية بل وأحيانا في البيئات الأخرى بالأقطار المجاورة. هذا بالإضافة إلى تأخر ظهور اسم الجمل في الكتابة واللغة المصرية القديمة، على الرغم من تميز اللغة المصرية القديمة بثراء وتنوع مفرداتها والتي عبرت عن كل ما يوجد في البيئة المصرية من الكائنات الحية بمختلف فصائلها. وقد يكون السبب في ذلك هو ارتباط الجمل برعاة الإبل من أصحاب حضارات المناطق الصحراوية والقائمين بدور الوسيط التجاري في نقل البضائع، وقلة اعتماد سكان وادي النيل عليه. وعموما فقد دلت الشواهد الأثرية على معرفة المصريين بالجمل منذ عصر ما قبل الأسرات، وليس معنى ذلك أنه كان معتادا في وادي النيل في مصر، ولكن على الأقل كان مستخدما في عبور المناطق الصحراوية، وفى الأقطار المجاورة لمصر سواء في جنوبها أو شمالها الشرقي. في حين يبدو أن الحمار كان وسيلة النقل الأساسية داخل الوادي وكما هو واضح على جدران مقابر الأفراد منذ عصر الدولة القديمة. ومم يؤكد هذا الاحتمال ظهور صورة الجمل في الفنون الصخرية بشكل واضح منذ عصر ما قبل الأسرات، وتأكد ذلك في عصر الأسرة السادسة وما تلاها من عصور. في حين أن التماثيل الصغيرة للجمل والتي عثر عليها في المواقع الأثرية في داخل وادي النيل سواء كانت في معابد أو مقابر، فلم تصور بشكل واضح ومتقن قبل عصر الدولة الحديثة. وأصبح الجمل مألوفا على الأقل في أواخر العصر المتأخر مع استخدام الغزاة من الآشوريين والفرس له في اجتياز الصحراء بتجهيزاتهم العسكرية. واستخدم على نطاق واسع في العصر اليوناني الروماني مع ازدهار التجارة في العالم، فأصبح الجمل الحيوان الرئيسي لنقل البضائع والسفر عبر الصحراوات الشاسعة في مناطق الجزيرة العربية والشرق الأدنى. ونتيجة لذلك شاع تمثيل الجمل في الفنون المختلفة في هذه المناطق ومنها مصر بطبيعة الحال. وإذا كان الغرض من تصوير الجمل في النقوش الصخرية في مصر يعد نوعا من تسجيل أحداث معينة لعل أغلبها مرتبط باستخدامه في عبور المناطق الصحراوية والوصول به إلى الوادي كما هو الحال في نقش الأسرة السادسة بالقرب من أسوان، فلا يعرف الغرض من تشكيل ونحت تماثيل صغيرة للجمل على وجه الدقة في ظل عدم وجود نصوص مصرية قديمة تتحدث عن الجمل. وإذا حاولنا أن ننظر في الحضارات المجاورة نجد أن الجمل حيوان حظى بكثير من التقدير لدى سكان الجزيرة العربية منذ أقدم العصور، ولا يزال ذلك التقدير مستمر حتى وقتنا الحاضر. وقد عثر على دمى صغيرة للجمال أغلبها من الفخار في معظم المراكز الحضارية على طول طرق التجارة في الجزيرة العربية مثل الفاو وثاج ومدائن صالح ودادان (الخريبة) وتيماء ونجران وغيرها. والملاحظ أن بعضها وجد في أماكن العبادة، وبعضها الآخر في مقابر، وكما هو الحال بالنسبة لنماذجه التي وجدت في مصر. وربما كان الهدف من التماثيل التي وضعت في المعابد عبارة عن تقدمة للمعبودات علها تضمن سلامتها، أو طلبا للبركة، أو أن تكون عبارة عن تقديم الشكر على سلامة العودة، وأن ذلك كان متأثرا بالعادات العربية الجنوبية. وربما كانت دمى الجمال من أفضل التقدمات للمعبودات خلال تلك العصور. وربما كان الهدف من وضع بعضها في المقابر دليل على مكانة الجمل وقداسته من ناحية، ورغبة وأملا في الانتفاع به في عالم الآخرة من ناحية أخرى. فهل تأثر المصريون بسكان الجزيرة العربية في عمل هذه المنحوتات؟ على أساس أن النصوص المصرية تحدثت منذ عصر الدولة القديمة (والأسرتين الخامسة والسادسة) عن استيرادهم للبخور اللازم لأداء الطقوس والشعائر الدينية والجنائزية. فإذا كانت الإجابة بنعم، فإن هذا التأثير لم يكن قوياً ولم يصل إلى مرحلة العقائد المصرية، نظراً لندرة ظهور الجمل في الفنون المصرية على اختلاف أنواعها.

ISSN: 2536-9822