المصدر: | دورية كان التاريخية |
---|---|
الناشر: | مؤسسة كان للدراسات والترجمة والنشر |
المؤلف الرئيسي: | مراشدة، عبدالرحيم عزام (مؤلف) |
المؤلف الرئيسي (الإنجليزية): | Marashdeh, Abdelraheem |
المجلد/العدد: | س3, ع10 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
مصر |
التاريخ الميلادي: |
2010
|
الشهر: | ديسمبر |
الصفحات: | 9 - 14 |
ISSN: |
2090-0449 |
رقم MD: | 874171 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
قواعد المعلومات: | HumanIndex |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
يسعى هذا البحث إلى تبيان مرجعيات أدونيس في تناولاته للنقد العربي، ذلك أن نقده أسهم في تشكيل رؤية هدمية تجاه التراث العربي القديم عامة، والإسلامي خاصة، لما لهذه الرؤية من تعالقات نصية وفكرية مع المنتج الحداثي الغربي، ثم أن هذا الناقد-أدونيس-أثار جدلا واسعا فيما يطرحه من أفكار في الساحتين الشعرية والنقدية في الأدب العربي، وهذا ما حمل كثيرا من المفكرين على الوقوف على نتاجه، فبعضهم ذهب إلى التعاطف معه، لتوجهه إلى التغريب وبعضهم حارب أطروحاته الهدمية بشدة، وبرزت فئة ثالثة حائرة بين بين، وهذا ما حملتا على البحث في أفكار أدونيس النقدية، في محاولة منا لإحداث مقاربة تجاه أطروحاته، وصولا إلى تجلية بعض الأمور، وقد تبين للباحث أن أدونيس مهما حاول التملص من بعض المرجعيات التي تشير إلى مسارات إنتاجه السلبية تجاه الفكر العربي، وتجاه تراث الأمة، ستبقى هناك مزالق له لا يمكن تجاوزها، والمرور عليها دونما الإشارة إلى أثرها السلبي، الذي نرى وجوب الاحتراز منها. يبدو من المفيد العودة لتصدير الأب "بولس نويا" للثابت والمتحول/الأطروحة؛ إذ يقوم على هذا التصدير كثير من التساؤلات التي يمكن اعتبارها مشروعة إلى حد بعيد، إضافة إلى أن هذا التصدير صادر عن ذهنية استشراقية بالدرجة الأولى. لماذا يشعر "بولس نويا" بالحرج أمام طالب يسجل لأطروحة دكتوراه؟ هل مرد ذلك توافق ما في البنية الذهنية لكليهما؟ هو يحاول تصريحا الإجابة عن ذلك، لكن هذا التصريح قد يحتمل ما ورائيات ما، تتوضح من خلال العرض التقديمي للأطروحة، حيث تتماس ذهنية "بوليس نويا" مع طالبه فكريا، حول موضوع الدراسة، يجسد تحقيقا لمشروع-حلم-يود إنجازه، وقد تم هذا بالفعل فيما بعد. إن مثل هذه المشاريع (الحلمية)، بالنسبة لمستشرق متخصص في الفلسفة والدراسات الإسلامية تمس التراث العربي، باعتباره مركزا قاعديا يتأسس عليه بنية العقل العربي، إضافة لكونها بنية تحتية "للكون الإنساني العربي". مثل هذه الدراسات تكون لها أهمية خاصة، لما لها من أثر ليست لدى الشعوب موضوع الدراسة حسب، وإنما للذين يفيدون بإطلاق من مثل الموضوع. كانت مضامين الأطروحة الأساسية-كما سلف-حلما من أحلام "بولس نويا" وربما لدى غير واحد من المستشرفين، وهو لم يتحمس له (المشروع) لولا فهمه الماورائي والعمقي لماهيته، والأهداف التي قد يتمخض عنها، بنتيجة الرحلة الاستكشافية المتوقعة في بحر التراث العربي، أن جاز التعبير. يشعر الأب، أو على الأصح، يستشعر تحقيق الحلم بطريقة منجزة من الأخر، لاسيما وأن هذا الآخر (شاعر) له تجربة ليست باليسيرة في الشعر العربي، وهو باحث موسوعي مطلع؛ من هنا انبثق تحقيق الحلم على أرضية الواقع، ولهذا نجد "بولس نويا" يقول لطالبه (إنك ستحقق حلما حلمته في شبابي مرتين) (1) ويضيف الدارس-لا بل مرات-بقدر الإلحاحية النفسية والذاتية، وحتى الإيديولوجية الفكرية على الموضوع. جاء أدونيس لإنجاز مهمة، أو على الأقل، ليسهم في إنجاز هذه المهمة (الحلم لدى الأب) (٢) وكان أدونيس الابن الأكثر نشاطا في حضرة أبيه، وهنا قد يبدو مناسبا التعريف. "ببولس نوياء"، لعل ذلك يشكل مفتاحا ما يسهم في توضيح ما نذهب إليه حول الثقافة العربية، من وجهة نظر أدونيس. "بولس نويا" عالم استشراق اهتم بالفكر الإسلامي، ولاسيما الأبعاد الصوفية منه، وبدأت اهتماماته هذه بعد التقائه بالمستشرق "ماسينيون" حيث كان لهذا اللقاء الأثر الفعال في توجيه "بولس نويا" نحو الحركات اللافتة في تاريخ الفكر الإسلامي، إذ كان قبل ذلك يهتم بالنقد الشعري عند العرب، ويتضح ذلك من قوله (كان حلمي أن أحاول التخصص في دراسة الشعر العربي لأميز ما فيه من الفصاحة والبلاغة، ولكن لقائي بــــ "ماسينيون" غير مجرى حياتي، فتركت الشعر وانصرفت إلى التصوف) (3). انزياحات "بولس نويا" هذه وشغفه بالصوفيات لم يأت اعتباطا أو عبثا، وإنما كان يتكئ على خلفية ثقافية، وحلم ثقافي، ينبعان من مرجعيات أيديولوجية إستشراقيه؛ وبهذا يكون الانحراف عن دراسة الشعر ونقد الشعر من زاوية بلاغية له ما يبرره. لا يفوت الدارس انتماء الأب "بولس نويا" إلى (اليسوعية) كفرقة-أن جاز التعبير-وهي من الفرق النصرانية اللافتة في الفكر النصراني، تتجاوز الظاهر في فهمها للنصوص، وتهتم بالباطن (الماورائيات)، وكما هو معروف يوجد في الفرق الإسلامية ما يتوازى وهذا التوجه، فأهل الباطن (الباطنيون) معروفون في الإسلام، والتعلق بالتصوف، هو في الواقع يشكل انسجاما مع البنى الفكرية التي تأسست لدى "بولس نويا"، فإذا كانت اليسوعية تجسد شكلا من أشكال التصوف في الفكر النصراني، فالتصوف في الإسلام فكر واضح، وله أثر فعال في بنية العقل العربي، ويشكل ركيزة أساسية فيه، ولو حاول المرء تلمس هذا الاتجاه (الباطن-الفكري) لوجد أن أدونيس التلميذ ذهب في المنحى ذاته، بيد أنه كان الأكثر اقترابا من الموضوع لعلاقاته البحثية، وبتوجهاته هذه اقترب من الأب في قضايا عدة منها: 1. حين حاول أن يسهم في كشف تحولات بنية القصيدة العربية، وتتبع مساراتها المضمونية والشكلية، وتمكن من الوقوف على بعض المفاصل المهمة عبر التراث الشعري، والفكري، لفترات تمتد منذ انبثاق الإسلام وحتى مراحل متقدمة من هذا القرن. 2. ونتيجة لاطلاعه الواسع، وإفادته من هذه الرحلة الاكتشافية، اسهم في تحريك القصيدة العربية، والنقد العربي، باتجاه خلافي للسائد في الساحة الأدبية، ومن هنا مثلا جاءت إسهاماته في القصيدة الحداثية والنقد الحداثي، ومهدت مع آخرين، قبل ذلك، للشعر الحديث-أن جازت التسمية-الذي سماه "بولس نويا" (المحض) فأدونيس كان يكتب القصيدة غير التقليدية-على الأقل-لكنه تعلق بها كثيرا فيما بعد (4)، وربما يكون للأب دور ما في ذلك لاطلاعه على كتاب "هنري بريمون عن (الشعر المحض)، وقراءاته لأشعار "مالارميه" و"بول فاليري" وآخرين، وفي المقابل كان قد اطلع على كثير من الشعر العربي؛ لهذا التفت إلى التحري عن مقاربات ما بين الشعر الغربي والعربي، وتتبع جذور مثل هذا الشعر-المحض أن وجد ليسهم في دفعه خطوات أخرى للأمام؛ فكان يتخذ من أشعار مالارميه وفاليري ... معيارا مهما للشعر الجيد، بل يره مثالا صالحا للاتباع. وكان أدونيس من التابعين لهذا اللون من الأشعار. 3. اقتراب أدونيس من الأب في بحثه (في بنية العقل العربي)، ليؤسس لجدلية "الثابت والمتحول" في تاريخ الفكر العربي، مع تبنيه-أدونيس-للمنهج الديكارتي (5)، (مبدأ الشك) وهو المبدأ ذاته الذي اتكأ عليه من قبل طه حسين، في بحثه المهم في الشعر الجاهلي، الذي يضارع منهج (الأب) الهيجلي (نسبة إلى هجيل) الذي قوم مذهبه على أساس الجدلية أيضا. 4. يقول "بولس نويا": (فعندما قرأت كتاب هيجل "تجليات الفكر"، لاحظت أن هيجل لم يعط أهمية للتجربة الإسلامية |
---|---|
ISSN: |
2090-0449 |