المستخلص: |
أمام غزو الصورة المجال الاتصالي الموسع، واستهلاكها بعفوية وإطلاقية غير واعية من قبل المتلقي الذي يتسم بالامتداد واللا تجانس واللا إنسجام، أصبح لزاما على علينا كباحثين في حقل علوم الإعلام والاتصال، التعامل معها بوصفها خطابا يوازي الخطاب اللغوي الكلاسيكي. وهو ما يستدعي ضرورة تشفيرها والوقوف عند المعاني الكامنة وراءها، من خلال تحليل سماتها الدلالية وتبيان أبعادها الفنية، لاسيما الصور الإرهابية منها. ولذلك فقد اخترنا من خلال هذا البحث الغوص في أعماق الدلالات النصية وتلك المتعلقة بالمجسمات والألوان، التي يرتكز عليها الخطاب الإرهابي كجنس من أجناس خطاب الكراهية والعنف والتطرف. وقد اعتمدنا في هذا البحث على تحليل خصائص الصورة المروج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لاسيما تويتر، بالاعتماد على قراءة سيميائية لعينة اعتباطية مأخوذة من التويتر، نشرها تنظيم الدولة (داعش) إبان تبني حادثة تشارلي إيبدو في فرنسا، في يناير 2015. ولعل أهم ما توصلنا إليه خلال دراستنا للعينة ما يلي: تتميز الصورة الإرهابية بالحبكة الفنية العالية، والمدروسة وفقا للدلالات التي يريد الباث عرضها والتسويق لها، بعيدا عن جمالية الصورة. وهو ما يترائي من خلال الألوان المختارة والمجسمات المعتمدة والنصوص المصاحبة. فمن ناحية الألوان، تطغى على عينة الصور الإرهابية القتامة، التي تتجسد من خلال ثنائية الألوان المختارة، حيث وقع دمج اللون الأسود بالأحمر، لوني الحداد والدم، فضلا عن إدماج البرتقالي والأصفر، (لونين يوحيان بالسنة النار الملتهبة)، لدلالة على الإنذار والوعيد الذي يبثه داعش من وراء صوره. أما المجسمات البارزة في صور العينة، فهي توحي إما برمزية الرسالة، مثل مجسم اليد الملتهبة المفتوحة في حركة توحي بالمواجهة والتحدي، وبإنذار موجه ومباشر بالتوقف والتقهقر، أو برمزية المكان، مثل صورة "برج إيفيل الذي يرنو من بعيد في رمز واضح لباريس، مكان تنفيذ العملية "الداعشية"، أو برمزية الباث المتمثل في لوقو مؤسسة النصرة المقدسية للدولة الإسلامية، وهو بمثابة توقيع صريح وظاهر. كما كان للنص المصاحب دور محوري فعال في ترجمة الصور الذهنية التي يريد الباث زرعها عنـد المتلقي الافتراضي، والتي تحاول ترسيخ ثقافة العنف والتطرف والكراهية للآخر. وارتكز النص على جمل تقريرية بلاغية، ثرية بالاستعارات والجناس والتشاكل اللغوي والمعنوي، ويكسوها منطق حجاجي، جاء في لغة أصولية تضرب في عمق اللغة العربية القدمة، وهو ما يحيلنا إلى تلمس فـصاحة الخطاب الداعشي وبلاغته اللغوية وقوة معانيه، وثراءه بما يحتويه من سجع وإيقاع وغيرها من الأشكال البلاغية، في تقرب واضح من لغة السلف. هذه المؤشرات مجتمعة تقودنا إلى الاعتراف بقوة الخطاب الداعشي/ الإرهابي وسطوة رسائله التي وردت حبلى بالمعاني العنيفة والمخيفة بل والمفزعة. هي لغة مرهبة متوعدة أراد التنظـيم الداعشي من وراءها بسط سيطرته على العالم، واستعراض نفوذه وقدرته. هو خطاب انطباعي وعاطفي، يقف في طرف النقيض أمام خطاب العقل والحجة، ويبتعد تماما عن الوسطية والاعتدال في بسط تعـاليم الدين الإسلامي ونشر أسسه بناءا على منطق يسروا ولا تعسروا. بقي أن نتساءل أخيرا عن سر نجاح التنظيم الإرهابي الداعشي في استقطاب ملايين الأنصار إليه من خلال رسائله المبثوثة عبر مختلف الفضاءات الاتصالية. بمعنى آخر، لنا أن نتسائل عن شعبوية ثقافـة العنف في زمننا الحاضر.
In front of the invasion of the image, and its spontaneous consumption and unconscious release by the recipient, it is incumbent on us as researchers in the field of information and communication sciences, dealing with it as a speech analogous to classical language discourse, which requires the need to cncrypt and stand in the meanings behind it, through the analysis of its semantic characteristics and demonstrate its technical dimensions, especially "terrorist" images. Therefore, we have chosen to dive into the depths of the textual and those related to the figures and colors on which the terrorist discourse promoted by social media, especially Twitter, based on a semiotic reading of an arbitrary sample taken from Twitter. (Sample of photos published by ISIS, after adopting Charlie Hebdo attack, in France, in January 2015). We can summarize the most important findings during our study of the sample by the fact that the terrorist discourse is characterized by a high artistic plot: The chosen colors arc dark (black) and flashy (red-orange and yellow) as symbol of fire and blood. The prototypes suggest many symbols: either threats, such as the opcn - burning hand piece in a gesture of confrontation and challenge, or a place such as the image of the Eiffel Tower, symbol of Paris, or the sender identification (ISIS Logo). The accompanying text also played a pivotal role in translating the mental images that Path wanted to implant at the virtual receiver, which attempted to establish a culture of violence, extremism and hatred of the other. The text is based on rhetorical sentences that are rich in metaphors, genres, linguistic and moral problems. It came in a fundamentalist language that strikes deep into the ancient Arabic language, which leads us to grasp the eloquence of the Dahesh (ISIS) discourse, its linguistic rhetoric and the strength of its meanings .The rhetorical forms, in a clear approximation of the language of the predecessor. These combined indicators lead us to recognize the power of the ISIS / terrorist discourse and the intensity of his messages, which have been received with the violent, frightening and even shocking meanings. It is a tired and promising language that ISIS organization wanted from behind to extend its control over the world and to review its influence and ability. It is an impressionistic and emotional speech, which stands in the opposite direction of the discourse of reason and argumentation, and completely departs from moderation in extending the teachings of the Islamic religion and spreading its foundations based on the logic of "please and do not impede." It remains to be wondered at the end about the secret of the organization success in attracting millions of supporters to it through its messages spread across various communication spaces. In other words, we have to ask about the populism of the culture of violence in our time.
|