ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







تحذير المفاهيم من النقد المفهومي إلى أفق البناء الحضاري : مفهوم الثقافة عند مالك بن نبي أنموذجاً

العنوان المترجم: Warning concepts from conceptual criticism to the horizon of cultural construction: the concept of culture when Malik bin Nabi model
المصدر: مجلة نماء
الناشر: مركز نماء للبحوث والدراسات
المؤلف الرئيسي: المريط، مصطفى (مؤلف)
المجلد/العدد: ع6,7
محكمة: نعم
الدولة: لبنان
التاريخ الميلادي: 2018
الشهر: ربيع
الصفحات: 269 - 294
رقم MD: 938299
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: IslamicInfo+, HumanIndex+
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

22

حفظ في:
المستخلص: It is true that human cultures have witnessed the migration of concepts from one culture to another, from one field of knowledge to another. When this migration occurs, a lot of efforts are made to adjust these concepts with their new environment using specific meanings which are often closely linked to the view of those who conceptualise them, their translators and their users; thus, human beings understand the universe and its environment; life, man and the existing relationships through a set of concepts, beliefs and cognitive perceptions of their own. The concepts of culture, civilisation, development, social change, values, media, communication and other basic concepts of social and human sciences are among these migratory concepts. They have moved away from their original environment and settled in a wide range of fields in our Arab and Islamic countries since the last century; however, these concepts are still confined to the Western view which produced and spread them. Some of these concepts appeared in the Arab civilisation surveys and gained their significance in some of the theoretical attempts at trying to cultivate them in soil other than the soil they were given birth. This is what can be noticed in the difficulty of translating them into Arabic language and their Western epistemological ambiguities transmission to the contemporary Arab and Islamic thought. All this has made of them vague, biased, fluctuating concepts that reflect a Western perception with its peculiarities which either explicitly or implicitly differs from the Islamic cognitive view of the monotheistic and abstract nature based on the value of man, his duties towards civilisation and his importance in life existence in which culture is a determination of his values and the source of these values is based on the common religion, making of man a master of all those values in forms of individual cultural and collective behaviour. From this theoretical ground, this study will attempt to approach the concept of «culture» firmly in agreement with Malek Bennabi who believes that the development crisis and the civilisation progress we are experiencing is a large-scale and complex one. It is a crisis of society. Revealing the non-neutrality of the concepts in general, and that of culture in particular, criticising their misuse and then suggesting civilisation alternatives is the key to solve the cultural problem that we are suffering from and to the development of civilisation we desire. A project a group of thinkers and researchers in different areas of knowledge would certainly contribute to.

الثابت أن الثقافات البشرية عرفت هجرة المفاهيم من ثقافة إلى أخري، ومن ميدان معرفي إلى آخر، وحين يهاجر المفهوم من ثقافة أو حضارة معينة إلى أخري، فإن جهودا حثيثة تبذل لتوطينه ليحمل في موطنه الجديد دلالات محددة عادة ما ترتبط ارتباطا وثيقا برؤية صائغه ومترجمة ودراسة وموظفه للعالم ككل؛ ذلك أن كل إنسان يفهم الكون ومحيطه والحياة والإنسان والعلاقات القائمة انطلاقا من مجموعة من المفاهيم والمعتقدات والتصورات الإدراكية الخاصة به. ومفاهيم الثقافة والحضارة والتنمية والتغير الاجتماعي والقيم والإعلام والتواصل وغيرها من المفاهيم الأساس للدراسة، هي من بين هذه المفاهيم المهاجرة، فقد انتقلت من موطنها الأصلي وتوطنت في عدد واسع من المجالات في بلادنا العربية والإسلامية منذ القرن الماضي؛ غير أنها ظلت أسيرة للرؤية الغربية التي أنتجتها وعملت على إشاعتها، ولو أنه تم إلباسها مسوح الحضارة العربية، واكتسبت دلالتها في بعض المحاولات التنظيرية عند محاولة استنباتها في تربة غير التربة التي أنجبتها، وهذا ما ظهر في إشكال ترجمتها إلى اللغة العربية، بل وفي انتقال التباساها وأزماتها وقطائعها الإبستمولوجية الغربية نفسها إلى الفكر العربي والإسلامي المعاصر. كل هذا جعل منها مفاهيم متحيزة ضبابية متذبذبة مستلبة، تستبطن تصورا غربيا له خصوصياته، إن بشكل ظاهر جلي أو مضمر خفي؛ يتمايز مع الرؤية المعرفية الإسلامية ذات الطابع التوحيدي والاستخلافي المرتكزة على قيمة الإنسان، ووظيفته الحضارية، ومكانته في الوجود، والجاعلة من جوهر الثقافة محددا في القيم، ومصدر القيم مؤسسا على الدين الموحد، وجاعلة من الإنسان مفعلا ومصرفا لكل تلك القيم في أشكال سلوك ثقافية فردية وجماعية بانية. هذا الواقع المفهومي يستدعي من كل باحث عربي وإسلامي عناية خاصة بالمفاهيم التي يوظفها؛ لأن معرفة ولادة المفاهيم ضروري لمعرفة مآلاتها، ولإدراك تفرعاتها وتحولاتها، ومن ثم إعادة توطينها في بيئتها الاجتماعية العربية والإسلامية الجديدة، تأصيلا وممارسة، واستجلاء دلالاتها الحقيقية بالبحث في سيرورة وصيرورة انتقالاتها وتحولاتها، ورصد مفارقاتها وتجاذباتها مع مفاهيم أخري، والتباساتها بها، يتطلب بداية إعادة قراءة المفاهيم المروجة في مختلف حقول العلوم الإنسانية والاجتماعية، من جديد بالعودة إلى جذورها، وسياقات تطورها وتحولاتها، بنشاط فكري تركيبي ونقدي للبراديغمات والنماذج النظرية والمعرفية المؤسسة للظاهرة الإنسانية والمؤطرة لها، في أفق بناء حضاري جديد لهذه المفاهيم يستحضر إشكالية تغير السياقات الزمانية والمكانية، وتعدد الدلالات التي علقت بها نتيجة توزعها بين فروع معرفية كثيرة، والكشف عن تقاطعات المفاهيم فيما بينها، وذلك من أجل رهان فعال وناجع على التنمية والنهوض الحضاري المنشود. انطلاقا من هذه الأرضية النظرية ستحاول هذه الورقة مقاربة مفهوم "الثقافة" إيمانا راسخا مبدئيا أن أزمة التنمية والنهوض الحضاري التي نعاني منها هي أزمة شاملة ومركبة، إنها أزمة مجتمع ككل، إنها أزمة منطلق، وأزمة سيرورة، وأزمة مآل؛ إنها على حد تعبير مالك بن نبي مشكلة ثقافة هذا المجتمع أساسا.