ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







قراءة ماركسية في ماركسية طيب تيزيني

المصدر: قلمون : المجلة السورية للعلوم الإنسانية
الناشر: مركز حرمون للدراسات المعاصرة والجمعية السورية للعلوم الاجتماعية
المؤلف الرئيسي: ديوب، عمار (مؤلف)
المجلد/العدد: ع9
محكمة: نعم
الدولة: تركيا
التاريخ الميلادي: 2019
الشهر: سبتمبر
الصفحات: 85 - 106
ISSN: 2548-1339
رقم MD: 1164429
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

12

حفظ في:
المستخلص: أعلن طيب تيزيني قبل سنوات عدة أن مشروعه الفكري لم يعد من التراث إلى الثورة، بل من التراث إلى النهضة. هذا التراجع قد أوضح رأي الطيب في أن الثورة لم تعد مفهوما صالحا لسياسة الواقع العربي، وأن السياسة ينبغي أن تقرأ بدلالة الوطني، وبدلالة النهضة، وما تراكم أمامها من معوقات في إثر إخفاقات القرن التاسع عشر والقرن العشرين؛ أي إنها تقرأ بدلالة أزمات المجتمع وبضرورات نهوضه، وبأن الطبقات كافة، تكاد أن تخرج من التاريخ، مستثنيا من ذلك فئات قليلة، وقد سمى ذلك بالحطام المغلق. ضمن هذه المحددات صار ينظر إلى المجتمع بكليته، وينظر له على هذا؛ فيتوهم أن المجتمع بكليته سيعي ما يراه سليما لصالح نهضته الكلية، وإلا سيكون مصير الجميع الخروج من التاريخ. هكذا، لا يمكن تظهير الأوهام أو الحقائق إلا من منظور الأخلاق غيابا أو حضورا، ومن حضور الأنا الذي هو ابتعاد عن الموضوعي في وضع التصورات والأفكار والمشروعات السياسية. رافق تراجع تيزيني عن مفهوم الثورة تراجعه عن الماركسية منهجا في التحليل. وإن كانت الحقيقة هي في أنه لم يعتمدها منهجية شاملة في التحليل قط؛ فقد كان يستند في فهمه للتراث وللنهضة وللواقع إلى ما يجود عليه العقل به، هذا الأخير الذي يتسع ليحتوي العلوم والفلسفات كلها، بينما القدرة الحقيقية للفيلسوف أو المفكر، تظهر من خلال المفهومات التي يشكلها هو ذاته، والتي تتجلى هي ذاتها من خلال أشكال الرؤى التي يطلقها كافة. من هنا يتبدى لنا أن تيزيني كان صاحب رؤية منهجية هي أقرب إلى التجميع منها إلى التميز. وهذا يسجل لصالحه من ناحية، ويسجل ضده من ناحية أخرى، أقصد ناحية فكره، ومن ثم يستقل بمفهوماته، ويبتعد عن إحاطة الواقع كما هو. وهنا، يمكن أن تشكل استقلالية الفكر مشكلة، وليس اقترابا من الواقع ذاته، على الرغم من أن الأصيل هو الاقتراب من الواقع وتمثله. ولتعويض ذلك، لا بد من الأخلاق. يستخدم التيزيني مفهومات ومفردات كثيرة، تظهر ولعه باللغة أكثر من تمكنه عكس الواقع، أو المشكلة الفكرية المراد درسها. اللغة تغوي كثير، ولكن الواقع يفضح الغواية والغاوي والمغوي؛ فهو الحياة. وبكل الأحوال إن منهجه الفكري عقلي بامتياز؛ ولهذا نجده يتعامل مع الواقع من منظور مثالي ذاتي، ومن ثم: إنه يجعل الواقع وطنا، والطبقات مجتمعا يتألم بكليته، والأزمات المتعددة حطاما مغلقا، ويخفض من قيمة العلم، ويعلي من شأن الفلسفة في كثير من التحليلات. إن تحليل تيزيني السلبي لما بعد الحداثة، وكل مفهومات المابعديات والنهايات، يتبدى في كتبه وفي مقالاته وفي حواراته، ولكنه هو ذاته من أطلق مفهوم الحطام المغلق الذي يكاد أن يكون كاملا، كما يقول، وقد ضمن ذلك في مفهومه عن العولمة، الذي يقرأ ما بعد الحداثة في ضوئه، ولكنه يصور العولمة كقدر لا فكاك منه. وعلى الرغم من كلامه عن الديمقراطية، وتثمينه إياها، وتحميلها إمكان التحرر من الحطام- هذا قبل الثورات العربية- فإن مفهومه للعولمة "الملتهمة للطبيعة والبشر، والمحولة إياهم إلى سلع" يظل مشكلا أساسا؛ فمع العولمة يكاد التاريخ أن ينغلق، ويعم الحطام الذي تأسس بصورة كاملة مع السبعينيات. ولو قرأنا ذلك في إطار تراجعه عن مفهوم الثورة، فإن تيزيني نفسه يبدو بلا رؤية للمستقبل؛ إذ قد انتهى مفهوم الثورة، أي الاشتراكية، عنده، وانتهت الرأسمالية إلى العولمة، التي هي قدر يكاد أن يحطم التاريخ. ومن ثم: كيف سيتغير التاريخ، وكيف ستصل الشعوب إلى حقوقها؟ ثم، ألا يعني هذا سقوط الأيديولوجيات كلها التي تعدي الاستناد إلى الشعوب ونضالاتها؛ لتغير الواقع؟(2). طيب تيزيني مفكر اقترب كثيرا من الماركسية، ومع ذلك فإن له تميزه وخصوصيته التي تجلت في مسيرته السياسية؛ أي تجلت في علاقته بالسلطة منذ أن أنى برسالة الدكتوراه، وفي ما قيل عن محاولات السلطة تطويعه، وجعله مفكرها، وفي رفضه ذلك، وتنديده الكبير بها قبل كتابه "من ثلاثية الفساد إلى قضايا المجتمع المدني"، وتركيزه على مفهوم الاستبداد الرباعي المركب عام 2000، وكذلك في مشاركاته نشاطات كثيرة ذات طابع حقوقي، ولاحقا ضمن الثورة التي بدأت 2011. مع 2011، بدا أن رجلنا يتحرك، ويفكر أخلاقيا بامتياز، ويبكي كثيرا على بلده الذي يكاد أن ينغلق على حطام كامل. سأتناول مفهومه للسياسة في بحثي هذا، وسأبين كيف قرأ السياسة في سورية، منذ أصبح راشدا، فأستاذا جامعيا، ونهاية بتموقعه إلى جانب شباب ثورة 2011.

ISSN: 2548-1339