المستخلص: |
استجابة للمتغيرات الدستورية، واتجاه الدول المغاربية نحو مزيد من تعزيز الحقوق والحريات، تم إدراج الرقابة الدستورية عن طريق آلية الدفع لفائدة الأفراد، ضمن التعديلات الدستورية الحديثة في الدول المغاربية: المغرب، الجزائر، تونس. هذه الآلية، والتي ينتظر تطبيقها سنة ٢٠١٩ لأول مرة، وإن تم النص عليها دستوريا، إلا أن النصوص التشريعية المنظمة لها تعرف اختلافا من حيث كيفية التطبيق، تدور بين الانفتاح والتضييق في كل دولة من هذه الدول. فالمشرع التونسي وسع مجال الرقابة عن طريق الدفع بعدم الدستورية ليشمل أي نص قانوني، في حين اتجه كل من المشرع المغربي والجزائري إلى ما تبناه المشرع الفرنسي من خلال تضييق مجال الدفع لينصب فقط على القوانين التي تمس الحقوق والحريات. وامتدت حدود تطبيق آلية الدفع بعدم الدستورية في الجزائر، لتشمل عقلنة استخدام هذه الآلية عبر وضع نظام للتصفية على مستوى أكثر من مرحلة، وبتدخل أعلى الجهات القضائية العادية والإدارية، قبل الوصول إلى المجلس الدستوري. أما في تونس فقد اختار المشرع عدم تدخل الهيئات القضائية والعادية، حيث لم يضع أي نظام للتصفية، سوى ذلك المطبق أمام المحكمة الدستورية نفسها، وهذا ما قد يؤدي إلى إغراق هذه الأخيرة بالطعون بعدم دستورية القوانين. على هذا الأساس، جاء هذا البحث ليبين في البداية الأسس الدستورية التي انطلقت منها الرغبة الحقيقية في إدراج الرقابة على دستورية القوانين عن طريق الدفع في الدول الثلاث. ويوضح الآليات المعتمدة لتجسيد هذا النوع من الرقابة، وكيفية إثارته، ونطاق تطبيقه. ثم في مرحلة ثانية، يوضح كيفية عقلنة هذه الآلية، والطرق التي يعتمدها القضاء الدستوري للفصل فيها، مع توضيح الاختلافات الواردة بين النصوص القانونية لهذه الدول على ضوء التشريعات المقارنة لاسيما منها في فرنسا.
|