المستخلص: |
من المبادئ المهمة في نظرية الأدب الإسلامي، النظر إلى أية ظاهرة اجتماعية من خلال موقعها الحقيقي في سياق النظام الاجتماعي الخاضع للسنن الإلهية الحاكمة لحركة التاريخ والتطور الحضاري، والمرتبطة بسنن الله في الكون عامة، فمن هذه السنن مجتمعة يتكون النظام الكوني التناسق والمنسجم في وحدة لا تحيد عن خطها المرسوم في لوح الأزل، ومن هنا يأتي التفسير المتوازن لحياة المجتمع الإنساني وتطوره التاريخي، الذي لا ينبغي أن يغيب عن تصور الأديب الإسلامي خلال معالجته الفنية لأية ظاهرة من ظواهر المجتمع، ايجابية كانت أم سلبية بالقياس إلى السنن الإلهية المنبثقة من صميم التركيب البشري ومن قلب العلاقات والوشائج والارتباطات الظاهرة والباطنة في العالم الذي يتحرك فيه الإنسان. فهناك توازن بين العوامل المحركة للتاريخ الحضاري وبين إرادة المجتمع التي تعتبر في إطار الفكر الخطوة الأساسية للتحريك. وبهذا التصور الشامل المتوازن للحياة الاجتماعية، فإن المنهج الأدبي الإسلامي يطالب بإلحاح بأن يعتمد النتاج الفني النظرة الاجتماعية الشمولية والتصور الذي يستقصي كافة أبعاد الحياة البشرية. وبديهي أن هذا المنهج يربط النظرة الشمولية إلى الموضوعات الاجتماعية بالنظرة العقائدية التي يقدمها ديننا الحنيف، فيعمد إلى تركيز الفهم المعنوي للحياة والإحساس الخلقي بها، ناظرا إلى الحياة الفردية والاجتماعية بشكل متوازن. وهذا أساس متين في معالجة الأديب الإسلامي لمختلف الظواهر الاجتماعية وتصوير النموذج الإسلامي المنشود للمجتمع الإنساني بتأكيده على الصيغة المطلوبة لعلاقة المسلم مع مجتمعه بما يعزز الرابطة الاجتماعية بين المسلمين ويسهم في بناء المجتمع الإسلامي التماسك. ويختلف الأدب الإسلامي -من هذه الجهة- عن الآداب الجاهلية التي حرصت على ربط الظاهرة الاجتماعية بجزء واحد منها وجعله العامل الأساس الذي يتحكم في توجيه الأسباب الثانوية وتصريفها، فهذه التفسيرات الاختزالية التجزيئية للظواهر الاجتماعية قد شوهت حقيقة رسالة الأدب وجعلتها تتخبط في قضايا وهمية ونظريات باطلة تاركة التصور الشمولي الذي يرد كل المشكلات والأزمات إلى ذات الإنسان ككل لا إلى جزء من أجزائها. مقابل هذه التفسيرات الوضعية يجئ التفسير الإسلامي ليوضح أن الفهم الصحيح للقضايا الاجتماعية والعلل البشرية لا يحصل إلا بفحص مصادرها التي تحوم كلها حول انحراف الإنسان عن الصراط المستقيم الذي يتماشى وحاجاته الفطرية ودوافعه الحقيقية؛ ولذلك يهتم الأدب الإسلامي بالفطرة الإنسانية المحرزة للتقوى بنقائها الأصيل وحيويتها وإحساسها بالمسؤولية أمام نظام الكون، فتكون الفطرة السليمة منطلقا لدوافع الحركة في التاريخ وتطور المجتمع، وبالمقابل فإن فساد الفطرة يطلق موانع الحركة والتطور متمثلة بالفساد الروحي والأخلاقي ومن هنا تتبلور النظرة الروحية للأديب الإسلامي في تناوله وتصويره لأية ظاهرة اجتماعية باعتبار أن هذه الظاهرة جزء من الكل الذي تحركه العوامل الروحية والأخلاقية بالدرجة الأولى، أما العوامل المادة والاقتصادية فإنها تأتي بالدرجة الثانية. ولا يميل الأدب الإسلامي إلى السرد النظري والشرح العقلي لهذه القيم وإنما يعتمد طريقة الوصف الواقعي والتمثيل الاجتماعي (أي تصوير نماذج بشرية مختلفة) بغية بيان اجتماعية هذه القيم، أي إمكانية إنزالها إلى الواقع الاجتماعي المعاش. اصف إلى هذا أن نجاح الأدب الإسلامي في غرس القيم الخلقية الفاضلة في نفوس الأفراد لا يحصل إلا إذا روعيت خصوصيات العصر وظروف البيئة ومميزات المحيط الاجتماعي في إطار تصور شامل لطبيعة المجتمع الإنساني وعلاقته بالله وسننه الجارية في كيان هذا المجتمع وحركته التاريخية والحضارية، ويتخذ الأديب الإسلامي من هذا المنهج في الرؤية والتصور معيارا صائبا في نقد الظواهر السلبية واستنكار مظاهر السنن ومحاولة تصحيح الانحراف في السلوك الاجتماعي من خلال طرح البدائل المصورة في مواقف إنسانية تهز مشاعر المتلقي وتوقظ هاجس النقد في عقله وتحفزه نحو التغيير، فلا يكون أدبه مجرد مرآة عاكسة لحياة هذا المجتمع لأن الأدب حين يقتصر على النقد والتسجيل، يفقد جدواه ويتحول إلى ضرب من العبث بل سيكون أداة هدم للبناء الاجتماعي حين ينقل مظاهر القبح والشذوذ والشر ويؤكد وجودها كما تعارف على ذلك من يسمون أنفسهم بكتاب الواقعية الذين تمادوا في تصوير مظاهر العنف والجريمة والجنس والصراع الطبقي وغيرها من الشرور والقبائح وبالأخص موضوع الجنس والحب الجسدي واللذة البهيمية وما يتبع ذلك من تصورات وانفعالات. والأدب الإسلامي الذي يعيش دائما في أكناف القرآن ويتفيأ ظلاله الوارفة يستطيع أن يتحدث عن كل علاقة حب نقية لا فسوق فيها ولا عصيان. ولا يقتصر موضوع الحب في الأدب الإسلامي على هذه العلاقة المعروفة بين الرجل والمرأة، بل يتسع لعلاقة روحانية تربط أجزاء الكون وأفراد المجتمع بعضهم إلى بعض، فكل علاقة إيمانية يبنيها الإنسان المؤمن مع أبناء جنسه من البشر هي ضرب من الحب كعلاقته بالأب والأم والأخ والابن والزوج والصديق والقريب وغيرها من العلاقات، وأن هذا الفيض من الحب الإلهي حين يغمر قلب الأديب الإسلامي ويجري إلى كل زاوية ومنعطف من أحاسيسه ومشاعره، يدفع بهذا الأديب إلى إبداع أروع الصور والنماذج الاجتماعية السائرة في طريق الله وسننه الدافعة نحو التقدم والتطور الحضاري.
One of the basic concepts in the Islamic literature theory. Examining any social phenomena through its real position in the context of the social system sumjected to the devine rules controlling the movement of history and cultural development which is related to the rules of the universe. Combining those rules, the system of the universe is created which is coordinated in an unchangeable unit that designed since ever. From thatc the balanced interpretation of human social life and its historical development' is originated. This should be kept in mind by the Islamic writers during his artistic production of any one of the social phenomena, whether positive or negative in analogy with the divine rules emerging from the heart of the human structure and the apparent and hidden relationships in the world in which Man lives. There is some balance between the mobile elements of the cultural history and the will of the society which is, in the framework of the thoughts the basic step for the movement. With this comprehensive social imagination of the social life, the literary method of Islam demands the artistic product to adopt this comprehensive social imagination which traces all dimensions of human life. It is obvious that this method relates the comprehensive view to the social matters with the doctrinal view of our religion. It concentrates on the morale understanding of life seeing the individual and social life in a balanced way. This is a solid base in dealing with the Islamic writer of various social phenomena and designing the needed Islamic figure for the human society through concentrating on the right form of the Muslim's relation with his society enhancing the social relation among Muslims.
|