ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







ترجمة النص الديني و اشكال العالم التصوري : نموذج القرآن الكريم

المصدر: بونة للبحوث والدراسات
الناشر: مؤسسة بونة للبحوث والدراسات
المؤلف الرئيسي: مقبول، إدريس (مؤلف)
المؤلف الرئيسي (الإنجليزية): Maqboul, Edres
المجلد/العدد: ع 16
محكمة: نعم
الدولة: الجزائر
التاريخ الميلادي: 2011
الشهر: ديسمبر
الصفحات: 73 - 87
ISSN: 1112-4741
رقم MD: 199496
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: AraBase
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

50

حفظ في:
المستخلص: لما كانت العربية التي كتب بها القرآن الكريم من مظان الإعجاز في هذا النص السماوي، فقد استحال عقلا إمكان حصول ترجمة تحافظ على نسقه الإعجازي دون الإخلال بركن من أركان قيامه الشهودي المتفرد، ولهذا إذا جاز الحديث في هذا الباب فليس إلا على ترجمة لمعانيه أو تفسير لدلالاته من خلال أقوال المفسرين والعلماء بعيدا عن دعوى نقله إلى لغة أخرى كيفما اتسعت ودقت. يقول ابن قتيبة في هذا الصدد بعد أن ذكر ميزات كلام العرب في جانب اتساع كلامها وخروجه إلى ضروب من التصرف والبيان التي تعكس النموذج الإدراكي والمعرفي للإنسان المسلم: "وبكل هذه المذاهب نزل القرآن، ولذلك لا يقدر أحد من التراجم على أن ينقله إلى شيء من الألسنة، كما نقل الإنجيل عن السريانية إلى الحبشية والرومية، وترجمت التوراة والزبور وسائر كتب الله تعالى بالعربية، لان العجم لم تتسع في المجاز اتساع العرب". ويقول الشاطبي بعد أن تكلم على دلالة ألفاظ اللغة العربية: "وإذا ثبت هذا، فلا يمكن من عد هذا الوجه الأخير أن يترجم كلاما من الكلام العربي بكلام العجم على حال، فضلا عن أن يترجم القرآن وينقله إلى لسان غير عربي". إن القرآن شبكة من المجاز والاستعارات بالمعنى الذي يتعاطاه رواد الدلالة التصورية، والصورة المجازية هنا "وسيلة إدراكية لا يمكن للمرء أن يدرك واقعه دونها، أو أن يعبر عن مكنون نفسه إلا من خلالها. فالصورة المجازية هي جزء أساسي من عملية الإدراك، وهي بالتالي مرتبطة تمام الارتباط بالنماذج المعرفية و الإدراكية ورؤية الكون". وليس أدل على استحالة ترجمة القرآن الكريم ما نقل عن بعض كبار المترجمين الذين أحسوا بالعجز عن التعبير عن المعنى الأصلي لآيات القرآن أمثال الدكتور إدوار نتيت من جامعة جنور بفرنسا الذي قال: "فالذين يقرؤون القرآن باللغة العربية ويفهمونه متفقون على تنظيم جمال هذا الكتاب الديني، وفي تعظيم كمال أسلوبه في غاية الكمال الذي يعجز المرء عن التعبير عنه بأي ترجمة وبأي لغة من اللغات الأوربية". وهذا جورج سيل من مترجمي القرآن للغة الإنجليزية يقول: "مهما حاولت أن أترجم القرآن لم أستطع ترجمته كما هو، وسيرى قرائي أنني لم أوفق للتعبير الصادق الصحيح عن متن القرآن"ويقول مارمادوك بكثال، وهو من مترجمي القرآن الكريم إلى الإنجليزية: "لا يمكن أن يترجم القرآن، وقد كان علماء المسلمين القدامى على هذا الرأي، وأنا مقتنع بهذا الرأي ولذلك لا أدعي أنني وفقت في ترجمة القرآن، ولكن حاولت أن أنقل معانى القرآن، فإن وفقت لذلك فأنا سعيد، وهذه الترجمة لا يمكن أن تأخذ مكان القرآن الأصلي في أي زمن من الأزمنة ولم تستهدف هذه الترجمة هذه الغاية في أي وقت من الأوقات".( ) إنه أمام هذا الوضع ليس بالإمكان إلا ترجمة تكون بمنزلة تفسير للقرآن الكريم لتقريب معانيه، يقول البهوتى: "وتحسن للحاجة ترجمته -أي القرآن – إذا احتاج إلى تفهمه إياه بالترجمة، وتكون تلك الترجمة عبارة عن معنى القرآن وتفسيرا له بتلك اللغة، لا قرآنا ولا معجزا".( ) ويترتب على كل هذا القول بأن الترجمة لما كانت عند أهل الصناعة على ضربين حرفية وحرة، فإنه لا يصلح في مجال النصوص الدينية وخصوصا القرآن الكريم إلا ترجمة معانيه ترجمة حرة سواء تلخيصية أو تفسيرية شرحية، وذلك بأن يجتهد الناقل فيحصل المعنى في ذهنه مستعينا بتفاسير القرآن وشروحه، ويعبر عنه من اللغة الأخرى بجملة تطابقه نسبيا، سواء ساوت الألفاظ الألفاظ أم خالفتها. وذلك رعاية لمبدأ التفاوت بين المعجمين في اللغتين المنقول عنها والمنقول إليها، ورعاية أيضا لمبدأ التباين في طرق التركيب فليست كل نسبة إسنادية في اللغة الأولى تطابقها نسبة إسنادية في اللغة الثانية. من غير أن نغفل عن أهم مبدأ وهو المتعلق بالاختلاف بين أساليب المجاز في اللغتين، فليس كل استعمال مجازي في اللغة العربية له ما يساويه في اللغات الأخرى نظرا لكون المجاز يدخل في رؤية العالم الخاصة بكل لسان. \

ISSN: 1112-4741

عناصر مشابهة