ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







الخلاف النحوي بين نحاة البصرة ونحاة الكوفة: محاولة جديدة لتوضيح ما حصل من ذلك

المصدر: مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة
الناشر: مجمع اللغة العربية
المؤلف الرئيسي: صالح، عبدالرحمن الحاج (مؤلف)
المجلد/العدد: ج 117
محكمة: نعم
الدولة: مصر
التاريخ الميلادي: 2009
التاريخ الهجري: 1430
الشهر: نوفمبر - ذوالقعدة
الصفحات: 151 - 179
رقم MD: 348661
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: AraBase
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

80

حفظ في:
المستخلص: نستخلص مما سبق أولاً إنكار وجود مذهب نحوي في الكوفة ثم بغداد كان يخالف مذهب البصريين منذ الكسائي -على الأقل- لا دليل عليه وغير معقول لما ذكرناه من كلام سيبويه والأخفش الأوسط حول آرائهم النحوية. كما لا يمكن أن يعتمد لمعرفة ذلك على كتاب الإنصاف لابن الأنباري لتلفيقه لهذه الآراء ولإعزائها لغير أصحابها. ثم نستخلص أيضاً أن المنهج الذي سار عليه الكوفيون في بحوثهم لا يختلف في جوهره عن منهج البصريين، فكل النحاة العرب في زمان أبي عمرو بن العلاء نهلوا مما كان اكتسبه أبو عمرو من "علم العرب" واقتدوا به وبمن عاصره، في مناهج البحث. وكلا المذهبين يعتد بالسماع أيما اعتداد ويقدم على القياس. وكلاهما لجأ إلى القياس بكثرة إلا أن لكل فريق منهما مذاهب في التحليل وآراء خاصة به. واختلفوا مع ذلك في السماع بميل الكوفيين في زمان الكسائي خاصة إلى جمع الغريب (بمعنى الذي لا تعرفه عامة العرب) وبالتالي تسامح بعضهم فأجاز الكثير منه بدعوى أنه مسموع من فصيح. وعلى الرغم من ذلك فإن للكوفيين تحليلات واستدلالات كثيرة ومفيدة اشتركوا في ذلك مع البصريين. فأما تلاقيهم في تقديم السماع على القياس فإن سيبويه وشيوخه وأتباعه يؤكدون كلهم على ذلك وفي كل مناسبة: كيف لا وهم الذين عرفوا بالتحرج الشديد من كل قول لا تعاضده حجة بل حجج وهي الأدلة عندهم من المسموع للامتياز الخليل وأتباعه بالتحرج الشديد أيضاً في إجراء القياس: فلا قياس عندهم إلا على أصل وباب مطرد يستنبطونه من المسموع. أما قولهم لأن لا قياس مع سماع فيعنون به، كما رأينا، أن العرب إذا تكلمت بشيء مخالف لبابه فلا يجوز بتاتاً أن يترك هذا المسموع ويلجأ إلى القياس على الأصل والباب الذي ينتمي إليه، ويهدر بذلك هذا المسموع لمخالفته لبابه. ثم ما من أصل يثبتونه إلا وقد سبقه التحري الواسع في الميدان ثم التصفح الإحصائي لكل ما دون، وقد تعرضنا إلى هذا في موضع آخر. ثم إن ما افترضه المستشرق ماسينيون من الشبه بين المذهبين البصري والكوفي والمذهبين اليونانيين القديمين لا يقوم على أي أساس. وهو في الحقيقة تخليط بين سلوكين مختلفين. فالذي حصل من التخليط في ذهن ماسينيون وكل من اتبعه هو: الأول بين الشاذ في الاستعمال أو الغريب (وهذا حدث بالفعل كما بيناه) وبين اهتمام الرواقيين (قبلهم بكثير) بالشاذ من القياس أو القاعدة. فالكوفيون، في الحقيقة، لم يظهروا قط أي ولوع خاص باكتشاف هذا النوع من الشذوذ وجمعه أي الشاذ من القياس بل اتفقوا مع البصريين على أنه لا يقاس على ما شذ من بابه وهو هذا الذي يسمى باللغات الأجنبية: Anomalia في مقابل الـ Hapax وكلاهما لا يقاس عليه لقلته: الأول لأنه جزء صغير جدا من الباب والثاني لعدم وجوده في الاستعمال أو يكاد. فالذي كانوا جماعين له وميالين إلى القياس عليه عند بعضهم هو هذا الأخير (الغريب). ثم إن التنوع اللغوي ليس بالضرورة غريباً. فلا يقال إنهم كانوا مولعين بالتنوع اللغوي وخاصة إذا كان مشهوراً، فهذا يهتم به كل العلماء(26). وأما التخليط الثاني فهو بين جميع الوسائل العقلية مهما كانت: يجعل المنطق واحداً وهو منطق أرسطو وأن لا يوجد غيره وذلك لعدم القدرة على التصور لمنطق آخر غيره أو الجهل -الخطير بالنسبة للعالم- لوجود أنواع من المنطق تفوق منطق أرسطو في زماننا وعند غير اليونان قبل اليوم. ومن ثم الاعتقاد الراسخ أن كل ما استعمله النحاة العرب من ذلك فهو ما أخذوه، في زعمهم، من أرسطو. وزيادة على هذين التخليطين الخطيرين فإن هناك إنكاراُ للحقائق الظاهرة ظهور الشمس: وهو ما يوجد في كتب الكوفيين نمن الاستدلالات الكثيرة يعتمدون عليها لدعم أقوالهم وخاصة عند الفراء، هذا من جهة، وما يوجد في كتب البصريين وخاصة سيبويه من كثرة السماع والاحتجاج بكلام العرب من جهة أخرى.

عناصر مشابهة