المستخلص: |
في إطار الحروب الغربية على قيم ومفاهيم الأمة، يكثر اللغط بشأن مفهوم الجهاد باعتباره مرادفًا للعنف، وتؤكد هده الدراسة أن المصطلحين ليسا وجهين لعملة واحدة، بل هما ضدان مختلفان، فالأول: ذروة سنام الإسلام، في ممارسته حضورٌ للعزة، وغيابٌ للذلة، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم .أما الثاني فهو مصطلح مائع يدل على ممارسات ينسبها أهلهُا إلى الجهاد دون أن يترتب عليها جلبٌ لعزة أو دفعٌ لذلة، بل في أحيانٍ كثيرة يحدث العكس. وترصد الدراسة التداعيات السلبية على العمل الإسلامي الناجمة عن ممارسة بعض الحركات الإسلامية للعنف من خلال ثلاثة مسارات: تشمل في طياتها الاتجاهات الرئيسة للتيارات الإسلامية - بحسب مناهج التأصيل والتغيير التي تتبناها - الجهادية، السلفية، السياسية. وخلصت الدراسة إلى أن التأمل في حال العمل الإسلامي في العقود الثلاثة الماضية قد كشف بجلاء عن حجم الضرر الفادح الذي تسببت فيه ممارسات العنف أيا كانت الجماعة التي تمارسه على الأمة الإسلامية بشكل عام، والحركات الإسلامية بشكل خاص، وتكمن المشكلة الرئيسة في أن الجماعة أو الحركة التي تدُرك –مُتأخرةً- فداحةَ منهجها فتنأى عنه، وتتراجع عن ممارساتها الأولى؛ قد لا تؤثر بمسلكها الجديد على الأجيال التالية من الشباب المتحمس للإسلام، بل تظل المرحلة الأولى من مسيرة جماعات العنف - بالنسبة لهؤلاء الشباب - هي موطن الاقتداء والفخر والعزة والبطولة. ومن ثم فإن هذا يعني أن الزخَم الفكري والمعنوي الذي يَمُدّ نهج العنف بأنفاس الحياة والاستمرار لا يزال باقيًا، ولا يزال الواقعُ الإسلامي مهيئًا لظهور جماعات أخرى قد تتبنى العنف منهجًا ومسلكًا في المستقبل ،ما لم يتصدَّ العلماء والمفكرون وقادة العمل الإسلامي لهذه الظاهرة التي تنسف كثيرًا من الإنجازات الحقيقية للعاملين للإسلام. وعليه فإن الأمر ليس مجردَ كلماتٍ تقُال عن نبذ العنف أو حرمة الدماء، بل يجب السعيُ لتكوين ثقافةٍ راسخةٍ عميقةِ الأركان والمفاهيم، ترفض العنف رفضًا مبدئيا أصليا ليس مؤقتًا أو ظرفيا، ثم العملُ على نشرها في أوساط الشباب من الدعاة وطلبة العلم لتحصينهم من الانزلاق إلى مساراتٍ لا يحَمد عُقباها كلُّ من يضُمِر خيرًا لهذا الدين ولهذه الأمة.
|