المستخلص: |
إن للأمم المتحضرة عناية بتصنيف العلوم وترتيبها، لما لذلك من أثر إيجابي في التعليم والتنمية العلمية. ولذا، فقد كان لعلمائنا اعتناء بهذا الأمر، وهو حال علماء الغرب المعاصرين، إذ إنهم اعتنوا بذلك أيما اعتناء، حيث يقومون بإحصاء العلوم والتأريخ لها. وليست الغاية من تصنيف العلوم هو مجرد إحصائها وترتيبها كما هو متبادر إلى الذهن، بل إن هذا العلم يحمل في ظاهره الوصفي التقريري غاية معيارية تتمثل في اتخاذه من وصف ما كان من واقع العلوم، بناء لما ينبغي أن يكون في توجهات العقل إلى المعرفة سواء على مستوى إبداعي بالتوجيه إلى المستجد من مناطات الاستكشاف العقلي بحسب ما يقتضيه تقدم الحياة الإنسانية، أو الاعتناء بالأهم فالأهم، والأنفع فالأنفع، بحسب ما تمليه حاجة الأمة ومصلحتها. ولقد اختلف العلماء في المنهج الذي ينبغي سلوكه أثناء عملية تصنيف العلوم وترتيبها اختلافا ناتجا عن النظرة إلى العلوم ذاتها. فمن يرى أن العلوم تتفاضل فيما بينها قام بترتيبها ترتيبا حسب الأشرفية والأفضلية. وفي هذه الحال يختلف العلماء اختلافا بينا في الترتيب، حيث إن كل عالم يرتبها من جهة حكمه على العلوم وأيها أشرف، فلا يحصل بينهم اتفاق على ترتيب معين. وأما من يرى أن العلوم منها النافع ومنها الضار، فيقوم بترتيبها حسب هذا المنظور في التفرقة بين العلوم النافعة والضارة. وفي هذا الصدد قد وقع اختياري على الإمام ابن حزم ومنهجيته في التعامل مع العلوم، ومن بينها العلوم الإسلامية والدراسات المتعلقة بها. فعلى الرغم من وجود العديد من البحوث والدراسات التي اهتمت بابن حزم --رحمه الله-إبرازا لمعالم شخصيته العلمية ومميزاته الفكرية، إلا أن البحث في المنهجية الحزمية لا يزال في مرحلة الطفولة؛ صغير الميلاد حديث السن. ولذا رأيت من المهم أن أعتني بهذا الجانب في دراسة المعالم المميزة لشخصية ابن حزم العلمية لإبراز ملامح منهجيته في التعامل مع مختلف العلوم والمعارف، ومدى صلاحية هذه المنهجية في تقريب العلوم الغربية للتداول الإسلامي والاستفادات منها في تطوير العلوم والدراسات الإسلامية. ولذا كان التركيز في هذه الدراسة على الوقوف على المنهجية التي سلكها ابن حزم أثناء تعامله مع مختلف العلوم والمعارف، حيث إنه لم يكن يتعامل معها كيفما اتفق، بل كان يسير على منهجية ذات ضوابط ومعالم يفيء إليها كلما أملت عليه الضرورة ذلك. فمحاولة من الباحث لاستخلاص الملامح المميزة للمنهجية الحزمية من خلال مصنفاته التي بين أيدينا، وبيان مدى صلاحية المنهجية الحزمية لأسلمة العلوم والمعارف.
Civilized nations pay attention to the classification and arrangement of domains of knowledge because it has a positive impact on education and scientific development. That is why our scholars had paid due attention to this matter; in the similar way as contemporary Western scholars, they recorded various disciplines of knowledge in exhaustive manner and provided their history of development. As the result of different perceptions of knowledge, the scholars have differed concerning the approach to be followed during the process of classification of sciences and their arrangement. Those who believed that some disciplines are more important than others, arranged according to preference and importance of the subjects. In this case, the scholars disagreed tremendously while making the classification and the arrangement. Regarding the issue of classification and arrangement, I chose Imam Ibn Hazm and his methodology in dealing with sciences including Islamic sciences and studies. Although there are many researches and studies concerning scientific and intellectual characteristics of Imam Ibn Hazm, yet the research related to his methodology is at the stage of infancy. Therefore, I thought that it is important to tackle this aspect to highlight the features of the methodology of Ibn Hazm in dealing with various fields of science and knowledge and to assess the validity of this methodology in approximation of the Western science for Islamic use in developing Islamic sciences and studies. The researcher attempts to extract distinctive features of the methodology of Ibn Hazm through the study of his available works and assess its Suitability for the Islamization of Knowledge.
|