المستخلص: |
يتناول هذا البحث فن السرد المبتكر المستخدم في رواية فولكنر الصوت والغضب. ويوضح البحث أنه على الرغم من وجود بعض السمات المشتركة في أعماله مع كتاب الحداثة وما بعد الحداثة وكذلك مع الكتاب السابقين الذين تبنوا أسلوب " تيار الوعي "، فقد طور فولكنر كل هذه الأساليب (معدلا فيها ومضيفا إليها) ليبتكر في النهاية أسلوبا فنيا فريدا للسرد يجمع ببراعة بين الرؤية الذاتية والرؤية الموضوعية في نفس الوقت. ووفقا لمعالجته الرائعة لــــ" وجهة نظر" التي تسرد منها القصة المروية، فإن فولكنر قد استطاع أن يسخر فنه المتميز في السرد لبلوغ غاياته الأخلاقية والمعنوية. هذا وتنقسم الرواية إلى أربعة أقسام، يروي نفس القصة في الأقسام الأربعة أربعة رواة كل منهم نقيض الآخر. ففي الأقسام الثلاثة الأولى يقوم بسرد القصة نفسها ثلاث شخصيات رئيسة، كل منها يسرد قصته من وجهة نظره الذاتية الخاصة. وبالجمع بينها والمقارنة والاستنباط، فإن هذه القصص الثلاث المختلفة تعطي صورة موضوعية إلى حد كبير عن الواقع الفوضوي في هذا العصر. ويلمح فولكنر أن هذا الواقع المفزع إنما ينبثق من نبذ الإنسان للمبادئ الأخلاقية الأساسية السامية واستبعادها من حياته. أما القسم الرابع فيقوم بسرده فولكنر بنفسه ليقطع الشك باليقين ويؤكد هذا القسم الأخير على انه لإعادة السلام والنظام إلى حياة الإنسان، فيجب على المرء أن يحي القيم المندثرة للروح الإنسانية، تلك القيم الراسخة في الإيمان الديني الفطري، مثل لإيمان ديلزي وقومها البسطاء في الرواية. فمهما كانوا أذلة صاغرين أمام الذين يزعمون بأنهم من الصفوة المختارة من البشر، فإن هؤلاء البسطاء، الذين لا يعززهم سوى إيمانهم الفطري الراسخ الذي لا يشوبه أي تكلف، يمثلون الأمل الوحيد في إمكانية صمود الإنسان أمام تحديات العصر، ومن ثم إمكانية سيطرته في نهاية المطاف على العالم الذي يعيش فيه. وهذا ما يؤكده فولكنر في ملحق كتابة بعد نهاية الرواية للتوضيح. وهكذا من خلال أسلوبه المبتكر الفريد في السرد، ينجح فولكنر بكفاءة عالية في إيصال موضوع عالمي عميق يخاطب وجدان الإنسان المعذب في عصرنا هذا في كل مكان.
This paper is concerned with Faulkner’s innovative narrative technique as applied in The Sound and the Fury. The paper demonstrates that despite having certain traits in common with both modernists and postmodernists as well as with earlier writers adopting the stream-of-consciousness technique, Faulkner has evolved his own original subjective-objective method of narration. Accordingly, through his admirable manipulation of the question of the point of view from which the story is narrated, Faulkner has managed in The Sound and the Fury to render his distinctive art subservient to his moral purpose. The novel is divided into four sections in which the same story is told by four different narrators, poles apart. In the first three, the story is narrated by three main characters, each from his own subjective point of view. By cross-reference, analogy and inference, the three narratives together manage to give a largely objective image of the chaotic reality of the times. This appalling reality is implicitly engendered by problems emanating from man’s relegation of the fundamental sublime moral principles of religion. The fourth section narrated by Faulkner himself clinches the argument. It intimates that to restore peace and order to man’s life, he must revive the defunct sublime values of the human spirit, those values that are deeply rooted in conventional religious faith. Braced by nothing more than by such unsophisticated religious faith, it is Dilsey and her simple folk, who, no matter how disdained and loathed by their nonreligious, so-called betters, represent the only hope for man to ‘endure’ and eventually ‘prevail’, as Faulkner affirms at the end of his appendix to the novel. Thus, through his peculiar ingenious method of narration, Faulkner manages to communicate most efficiently a profound universal theme of common interest to the suffering humanity of our times.
|