المستخلص: |
تعتبر الكنوز من الشواهد التاريخية التي لها قيمة توثيقية على غاية من الأهمية خصوصًا إذا ما أحسنا الاستفادة منها، وتوظيفها توظيفًا جيدًا في الكتابة التاريخية وحل بعض القضايا التأريخية العالقة. ومن خصائص الكنوز أن تتضمن شواهد معاصرة عادة للزمن الذي تنتمي إليه وللمجال الذي دفنت فيه أحيانًا كثيرة. وباستطاعة الباحثين أن يتفطنوا إلى القيمة الكبيرة للكنوز إذا ما ربطوها بالظرفيات التاريخية التي دفنت فيها باحثين عن التفسيرات والأسباب المقنعة التي تقف وراء ذلك لأنها عادة ما تكون ذات علاقة بالنواحي الأمنية والاقتصادية. فهي وثائق تتضمن معطيات مباشرة وأخرى غير مباشرة قد تحمل الإضافة العلمية المرجوة إذا ما تم إيلاؤها العناية اللازمة. وهو ما أمكن كشفه من خلال هذا الكنز الذي يتضمن معطيات تأريخية وتقنية وفنية مهمة تثير العديد من التساؤلات حول العلاقة بين تغير النمط السكي للدنانير المضروبة بإفريقية خلال عهد المعز بن باديس والعلاقات الثنائية مع الخلافة الفاطمية بمصر. إن أتباع منهج المقارنة بين النقود عادة ما يكون جالبًا للفائدة خصوصًا إذا ما توفرت كنوز أخرى تنتمي إلى نفس الظرفية التاريخية والمجال الجغرافي وهنا تجدر الإشارة إلى أن كنز الكاف الذي ضم 116 ربعًا تحمل أسماء الخلفاء الفاطميين وضربت بالمنصورية أساسًا ساهم في تحديد ظرفية دفن كنز طرابية وتحديد أهم إشكالياته خصوصًا المتعلقة بتغير النمط السكي سنة 430هـ في مرحلة أولى ثم سنة 436هـ في مرحلة ثانية. وساعد على كشف ملابسات ذلك الإجراء والوقوف على أهم أسبابه التي لم تخرج عن كونها متعلقة بأزمة النقاشين المختصين آنذاك.
|