المصدر: | الموقف الأدبي |
---|---|
الناشر: | اتحاد الكتاب العرب |
المؤلف الرئيسي: | الغالي، بنهشوم (مؤلف) |
المجلد/العدد: | مج44, ع528 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
سوريا |
التاريخ الميلادي: |
2015
|
الشهر: | نيسان |
الصفحات: | 22 - 56 |
رقم MD: | 673798 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | AraBase |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
لقد أعجب الشعراء المغاربة بالعرب الأوائل أيما إعجاب فاحتذوا القصيدة الجاهلية بناءا، ومعجما، وصورا ومعانيا، ولما جاء أبو تمام، وأبو الطيب المتنبي -وكان شعرهما امتدادا وتجديدا وتطويرا لشعر العرب- أعجبوا بالمقومات الفنية للمذهب البدوي الحضري، فترسموا معالم هذا المذهب بعدما وفق مهيار الديلمي في تبسيطه في شكل مدرسي سمح لجل الشعراء الذين جاؤوا بعده في كل من المشرق والمغرب والأندلس بتبنيه وتمثله. لقد نظم جل الشعراء المغاربة قصائدهم على نحو هذا الطريق، حتى أولئك الذين سلكوا الاتجاه الحضري، وثاروا على الاتجاه البدوي لم يستطيعوا الخلاص منه، فتألف الشاعر منهم متبديا حينا، ومتحضرا حينا آخر، بما يفسر تفاعل الشاعر المغربي مع هذه الاتجاهات التي أستوعبها متلاحقة مزدوجة في خلقه الشعري دون أن تحدث في نفسيته عصبية أو خصومة. وإذا كان بالإمكان أن تخندق الشعراء في المشرق العربي، ضمن هذا الاتجاه أو ذاك، فإنه ومن الصعوبة بمكان وقوع الشيء ذاته في شعرنا المغربي، فالشاعر المغربي لم يلتزم مذهبا واحدا، فبينما هو يقلد أبا نواس وينهج نهجه، إذا هو يعارض المتنبي أو المعري ويصطنع أدواته، أو يبدع على طريقته بما لا يتبع مدرسة واحدة معينة على نحو ما رأينا مع أبي الربيع وأبي حفص السلمي وأبي العباس العزفي، وابن الطيب العلمي ثم لم يتعصب لاتجاه دون آخر، صورة ما يحدث في المشرق في حين نلاحظ في المشرق اتضاح المذاهب الفنية وتسلسلها التاريخي الواضح المميزات، البين الأسباب (133). إن نظم الشاعر المغربي في المذاهب المختلفة يؤكد مجموعة حقائق: 1. التعارض والصراع بين المذاهب عند الشاعر الواحد الشيء الذي ينتج عنه نوع من التشويش لدى القارئ، غير أن معرفة السيرورة التاريخية والتطور المعرفي والنقدي لدى الشاعر سيسهم بلا شك في فك طلاسم هذا التضارب. ففي اعتقادي أن إبداع الشاعر المغربي عموما يمر بثلاث مراحل: أ. مرحلة التقليد والتأثر بالنموذج: في هذه المرحلة يعتمد الشاعر على محفوظة فتأتي قصائده صورة طبق الأصل للقصيدة العربية القديمة. ب. مرحلة النضج والارتباط بالمحيط: وفيها يرتبط الشاعر بواقعه الحضاري ارتباطا عضويا يدفعه إلى وصف هذا الواقع بما فيه من عمران ورياض، فضلا عن إقباله على مجالس اللهو ومعاقرة الخمرة. فتأتي القصيدة صورة تمتزج فيه هذه العناصر. ولا شك في أن التيار الذي تزعمه أبو نواس أستطاع "أن يترك أثاره في أشعار كثير من الشعراء الذين مالوا إلى جعل الكتابة الشعرية تعبيرا تلقائيا ومباشرا عن ذات الشاعر وبيئته وسلوكه" (134) ج. مرحلة الزهد وهي المرحلة الأخيرة التي ينتهي إليها الشاعر، بعدما تراءى له المصير. وفي نماذج الأمير الشاعر والأغماتي والعزفي وابن الطيب العلمي خير دليل على الانتقال بين المذاهب الفنية مما يؤكد حقيقة: 2. الوعي النقدي بالمذاهب الفنية، وقدرة الشاعر المغربي على استيعابها وتمثلها. 3. الاقتداء بإعلام المذهب البدوي الحضري. وهو ميل نحو مذهب العرب مطورا بما أضاف إليه هؤلاء الأعلام من رقة حضارة وحسن بديع وعمق تجربة. وعلي العموم يمكن تلخيص التجربة الشعرية المغربية على مستوى المذهب الفني في كون الاتجاه العام لهذه التجربة قد أعتمد على الأصول الشعرية العربية والتقاليد الأسلوبية الفنية (135)، والاقتداء بنهج وطرائق فحول العربية وكبارها، لا سيما طريقة نظم المتنبي ومسلك أبي تمام في الوصف، ومذهب البحتري في الطبع ، وغزل مهيار البدوي العفيف، ومنزع ابن هانئ، وبديع ابن المعتز، وحكمة أبي العلاء . ألتقت هذه المؤثرات، وتفاعل معها الشاعر المغربي، بعدما أستوعبها مجتمعة في خلقه الشعري، فحاول صهرها في بوتقة واحدة في قصيدة مجتمعة أو متفرقة، لأن النموذج في نظره، هو تلك القصيدة التي تمتزج فيها مجموعة من الألوان والأطياف، وخير دليل على ذلك استحسان الحسن اليوسي لهذا التمازج حينما قال: "واجتماع النوعين في القصيدة الواحدة لا يستنكر ولا سيما إذا روعي في ذلك مناسبة اللفظ للمعنى" . |
---|