المستخلص: |
دخلت أوربا خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلادي عصر الحداثة، مستندة في ذلك على مبدأ إحياء التراث القديم، ومستغلة التراث العربي الإسلامي المكتوب كنافذة تطل من خلالها على ما أبدعته الحضارة العربية الإسلامية في مختلف المجالات، سواء على مستوى التأليف والكتابة أو على مستوى ترجمة الأعمال القديمة كتراث إنساني، بما فيها أعمال قدماء الإغريق واليونان. الشيء الذي حفز الأوربيين على ترجمة الكتاب العربي للعبور من خلاله إلى الكتابات القديمة فضلاً عن استكناه ما أبدعه الفكر العربي الإسلامي. ويعد دخول أوربا عصر النهضة تاريخًا مفصليًا بين فترة القرون الوسطى في أوربا والعصر الحديث، مما يستلزم البحث في آليات هذا التحول الذي عرفته أوربا لهذا العهد، معتمدين على استجلاء دور الكتاب العربي في تطور الفكر الأوربي الحديث؛ عبر إبراز أدوار مختلف المتدخلين في أعمال ترجمة الكتاب العربي ونقله نحو أوربا، ومدى مساهمة أعمال الترجمة هذه في بناء الحداثة في أوربا، وإبراز نوعية الكتب المترجمة، والتعريج على مساهمة الكثير من المراكز الكبرى للترجمة في جمع الكتب واستقطاب المترجمين من العالم العربي وأروبا، مستغلين في ذلك طبيعة الانفتاح والتسامح الذي ميز في الغالب مختلف الكيانات السياسية العربية الإسلامية التي حكمت الضفة الجنوبية للعالم المتوسطي، والتي وجهت كل اهتمامها للجانب العسكري على حساب تهميش باقي الجوانب الأخرى، مما أخل بالتوازن الذي عرفته منطقة العالم المتوسطي لصالح القوى المسيحية مع بداية العصر الحديث.
|