المستخلص: |
تناولت هذه الدراسة أثر التعديلات الدستورية للأعوام ٢٠١١ و ٢٠١٤ و ٢٠١٦ على السلطة التنفيذية وعلاقتها بالسلطتين التشريعية والقضائية، حيث هدفت الدراسة إلى بيان أثر هذه التعديلات على تشكيل واختصاصات السلطة التنفيذية، والقيود الواردة على ذلك والمتمثلة بوضع ضوابط جديدة للبيان الوزاري، وتقييد اختصاصها التشريعي الاستثنائي بإصدار القوانين المؤقتة بمجموعة من الضمانات الفاعلة تمثلت بحصر النطاق الزمني لإصدارها بفترة حل مجلس النواب فقط، وتحديد حالات الضرورة على سبيل الحصر، وخضوعها إلى نوع جديد من الرقابة القضائية وهي رقابة المحكمة الدستورية. كما تناولت هذه الدراسة العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطتين التشريعية والقضائية بهدف معرفة أثر التعديلات الدستورية في إعادة ترسيخ التوازن المفقود بين السلطات، وعلى الأخص بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث جاءت التعديلات الدستورية لتعزز التوازن بين هاتين السلطتين وتعالج مواطن الخلل بينهما، وتقضي على بعض مظاهر هيمنة واستقواء السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية وذلك من خلال إعادة النظر بأحكام المسؤولية السياسية، وإحاطة حل مجلس النواب ببعض الضمانات الفاعلة، وإلغاء صلاحية السلطة التنفيذية بتأجيل الانتخاب العام، وإلغاء دورها في إدارة العملية الانتخابية وإسنادها إلى هيئة مستقلة تتمتع بالنزاهة والحيادية. وفي المقابل، فقد ركزت هذه الدراسة على جوانب قصور وعجز التعديلات الدستورية في القضاء الكامل على كافة أشكال اختلال توازن العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ومثال ذلك إغفالها معالجة صلاحية السلطة التنفيذية في تمديد مدة مجلس الأمة ودوراته والتدخل في جلساته، وعدم توحيد آلية التصويت على الثقة بالحكومة، وتعليق نفاذ مفعول استقالة الحكومة على موافقة الملك في حالة حجب الثقة، وتعليق مصير القوانين المؤقتة التي تم رفضها على قبول وإعلان السلطة التنفيذية لبطلانها وليس من تاريخ رفض مجلس الأمة لها، وعدم إحاطة تعيين مجلس الأعيان بضمانات تكفل حياده في العمل. مما يشكل بالنتيجة تغول صريح للسلطة التنفيذية على السلطة التشريعية. وبخصوص علاقة السلطة التنفيذية بالسلطة القضائية، فقد عملت التعديلات الدستورية على تعزيز استقلال القضاء من خلال دسترة هذا المبدأ في الدستور، وإنشاء مجلس قضائي بقانون يتولى أمور القضاة، وإلغاء دور وزير العدل في التدخل في شؤون السلطة القضائية، وحصر تعيين رئيس المجلس القضائي بالملك وحده دون مشاركة من الوزارة. كما بينت هذه الدراسة أن التعديلات الدستورية قد عملت على تأكيد الولاية العامة للمحاكم النظامية في فض المنازعات، وحصرت اختصاص محكمة أمن الدولة في محاكمة الأشخاص المدنيين عن جرائم محددة وردت على سبيل الحصر. وأعادت محاكمة الوزراء واتهامهم جنائيا بجرائم الوظيفة العامة إلى القضاء النظامي باعتباره صاحب الاختصاص الأصيل في ذلك، وسلبت دور مجلس النواب في الاتهام والمجلس العالي في المحاكمة، وجعلت القضاء الإداري على درجتين. وفي ختام هذه الدراسة، تطرق الباحث إلى مجموعة من النتائج أهمها عجز التعديلات عن القضاء على كافة مظاهر هيمنة السلطة التنفيذية على التشريعية، الأمر الذي يستدعي وجوب تعديلات دستورية أخرى تم تحديدها بمجموعة من التوصيات في خاتمة الدراسة.
|