ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا









الترجمة من العربية إلى الأردية وبالعكس: حاجات وتحديات

المصدر: مجلة وحدة الأمة
الناشر: الجامعة الإسلامية دار العلوم وقف ديوبند - مجمع حجة الإسلام للبحث والتحقيق
المؤلف الرئيسي: القاسمي، محمد نوشاد النوري (مؤلف)
المجلد/العدد: س12, ع23
محكمة: نعم
الدولة: الهند
التاريخ الميلادي: 2024
التاريخ الهجري: 1446
الشهر: سبتمبر
الصفحات: 246 - 261
رقم MD: 1502047
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: IslamicInfo
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون
حفظ في:
المستخلص: الترجمة في إطارها العلمي الواسع علم تطبيقي مستقل، لها ما لسائر العلوم من مبادئ وأصول، وخصائص وميزات، وتاريخ وأهداف، وأصالة ومعاصرة، وأعلام وأنصار، ومدارس ومناهج، وكيف لا؟ فهي عملية تلقيح ثقافي، وترابط معرفي، وجسر قوي للتواصل العلمي والحضاري بين الأمم والشعوب، وسعة المعرفة وتوفر الاطلاع في جميع المجالات ما زالت أمرًا شيئًا لدى الطبيعة البشرية في كل عصر ومصر. وفي العصر الحديث شهد الغرب تطورًا علميا هائلا؛ بل تسخيرا علميا للكون المنظور، سبق به كل الأمم والشعوب، فبنى حضارة علمية زاهية، وبهر أقوام العالم، وخرج ليهيمن على أراضي الحضارات ومهاد الثقافات، فاحتل البلاد التاريخية والعواصم الثقافية في قارتي آسيا وأفريقيا مما جعل الأمم تنظر إلى الغرب نظرة عبد إلى سيده، ونظرة تسول ونجدة، فتحركت الأمم لتجبر ما يعوزها من علم وثقافة، ونشأت حركات علمية واسعة، وانطلقت عملية الترجمة على نطاق أوسع، مما كون الترجمة علما مستقلا. وفي سياق العنوان الذي اخترته للبحث لا بد من التصريح بأن اللغة العربية تملك من خصائص العظمة وسمات الفضل ومعالم البروز والتفوق ما يجعلها لغة متميزة، تفوق أخواتها من اللغات الشرقية والغربية على الإطلاق. فظلت اللغة العربية عبر القرون لغة الكتاب والسنة، ولغة الحضارة والاجتماع، ولغة العلوم والفنون، ولغة التفاهم والترابط، ولغة النفوذ السياسي والانتشار الشعبي وَسِعَتْ الوحيين، واحتضنت أضخم مكتبة علمية حافلة بالمآثر والبطولات، وتضمنت الثقافة العربية والإسلامية الواسعة التي لا تعرف الحدود والقيود، وحظيت بنوابغ وعباقرة، خضعت أعناق العالم لعظمتهم العلمية ومكانتهم السامية.

أما اللغة الأردية فهي وليدة من الامتزاج اللغوي الثلاثي، من العربية والفارسية والهندية، وهي من أقرب لغات العالم إلى اللغة العربية، فتكتب بالخط العربي، من الجانب الأيمن، وتتضمن كثيرا من المفردات العربية، وعجِنَتْ طينتها بروح الثقافة العربية، وبذلك تعد أكبر لغات العالم الإسلامي وأوسعها انتشارًا بعد العربية والفارسية، أما الناطقون بها فهم يزيدون على أربع مائة مليون نسمة في كل من جمهورية باكستان الإسلامية وجمهورية الهند وجمهورية بنجلاديش الإسلامية وجمهورية أفغانستان الإسلامية، بالإضافة إلى عدة ملايين من المهاجرين المستوطنين مملكة نيبال وجمهورية سريلانكا وجمهورية جنوب أفريقيا وبلاد شرق القارة الأفريقية وإنجلترا وكندا وأمريكا وأستراليا وغيرها. وتزامنت مع نشأة هذه اللغة عوامل صبغتها بالصبغة الإسلامية، وبرزت لغة المسلمين في هذه الديار، فما هي إلا حقبة من الزمن ليست بطويلة حتى صارت – ولا تزال- اللغة الأردية لغة الثقافة والعلوم والأدب الإسلامي في تلك البلاد، وتعصب غير المسلمين ضد هذه اللغة مازال يعمق ارتباطها بالعربية والإسلام. فجاء هذا البحث ليسلط ضوءا على ما بين اللغتين من ارتباط وضرورة التبادل الثقافي بين التراثين من خلال الترجمة الفنية، مع الإشارة إلى مواصفات المترجم وما بواجهة المترجم من تحديات. أن المسلمين في شبه القارة الهندية يرتبطون بالأردية ارتباطهم بالعربية، مع ما بينهما من فرق في العظمة والسعة والأصالة والتاريخ؛ فهم يعتبرونها لغة الإسلام والمسلمين، وذلك أن علماء الإسلام استغلوا هذه اللغة، واستخدموها في صالح الإسلام والمسلمين، فكانت الأردية هي لسان الثورة ضد الإنجليز، ولسان الصحافة والخطابة في عهد الاحتلال، وكان العلماء هم الذين يتصدرون قائمة الثوار والمضحين بالنفس والنفيس في سبيل الدين والوطن، ثم الحركات الإصلاحية والتجديدية والعلمية والخدمات العلمية التي نشأت في الهند جاء معظمها في الصبغة الأردية، وبذلك كله أخذت اللغة الأردية لونا دينيا غامقاً، وتوطدت العلاقة بين اللغتين العربية والأردية، وجرى التبادل الثقافي بينهما، ولضخامة التراث العربي وحاجة الأمة الإسلامية الهندية إلى الثقافة العربية جرت في البداية الترجمة إلى الأردية بشكل كبير، أما الترجمة من الأردية إلى العربية فلم تبدأ إلا مؤخرا، وليست حتى الآن بمثابة المستوى المنشود، وفصَّلتُ كل هذا؛ فإن المسافة بين اللغات يمكن تقريبها من خلال العلاقة بين اللغات، وتنوع العلاقات بين اللغة العربية واللغة الأردية من شأنه أن يضيق المسافة بينهما، وينفع المترجم في عملية الترجمة. ومراعاة طبيعة البحث اقتضت تقسيم البحث إلى مباحث تالية: المبحث الأول: ضرورة التبادل الثقافي بين العربية والأردية. المبحث الثاني: أهم ما يتعلق بالترجمة من العربية إلى الأردية وبالعكس من مبادئ وملاحظات. المبحث الثالث: تحديات الترجمة من العربية إلى الأردية مع الإشارة إلى حلولها السريعة وكيفية التغلب عليها. وحاولت بتوفيق الله سبحانه أن يأتي البحث وافيًا بالمباحث المشار إليها، مراعيا للمستوي البحثي السائد.