ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







الترجمة بين الشعر والكتابة

المصدر: مجلة شمالجنوب
الناشر: جامعة مصراتة - كلية الآداب - قسم اللغة الفرنسية
المؤلف الرئيسي: صافار، إبراهيم عبدالسلام (مؤلف)
المجلد/العدد: ع6
محكمة: نعم
الدولة: ليبيا
التاريخ الميلادي: 2015
الشهر: ديسمبر
الصفحات: 159 - 172
ISSN: 2073-4042
رقم MD: 764661
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: AraBase
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

25

حفظ في:
المستخلص: يجدر بنا الإشارة إلى أن ما تبين في السطور المتقدمة ليس ضرباً من الكهانة والتخمين، أو شيئاً من التحليل العميق المعنى، والصعب المنال، إذ لا تحاول القراءة استحضار شيء غائب بناءً على ما هو ماثل، وإنما كانت قراءة متحررة من الأفكار المسبقة، والأهم من ذلك أنها لم تقرأ عن الكتاب بقدر ما هي تقرأ فيه، والغريب في موضوع الترجمة عند الجاحظ أن الرأيين في حقيقتهما متناقضان، ولا يجتمعان بحال من الأحوال في شخص واحد، والأغرب من ذلك ما جرى من اجتماعهما على أقلام المورثين في منطقة وسطى بين أنصار الشعر وأنصار الكتابة؛ مما يدل على تكرار واجترار بعض الدراسات، وأنها تنقل عن بعضها، وتخلد على نفسها شهادات لا يحققها الامتحان بالرجوع إلى المصادر والموارد في مضانها، حيث تبين أن الجاحظ كان ينقل محاورة دقيقة بين نظامي التواصل اللساني بنوعية الشفوي والمكتوب، وأيهما أقدر على تخليد الأمم والحضارات، في شكل حوار بنيته العميقة ودعواه النصية قضية الخلود، وعكس من خلال بُناه السطحية الحال التداولي والواقع الثقافي، وما كان يعتمل في عقول القوم آنذاك، فجرى ما جرى على لسان أنصار الشعر وأنصار الكتابة، وتنوع الخطاب الداخلي للمحاورة بمجموعة من الحجج والدفوع، مميزاً الشعر بقوة وأفضلية بيانه، وبخصوصية معماره وبنائه باللسان العربي، وتأبيه على الترجمة لعدم النظير في اللغات الأخرى، ومميزاً النظام الكتابي بالاكتفاء بنفسه في دقة نظامه، وقدرته على حفظ الحكمة، وأسرار الصناعات، وبالتالي إمكانية ترجمته بكافة أجناسه إلى لغات أخرى بما فيها الشعر المدوّن مع التسليم بضياع الإيقاع الداخلي أو الوزن الخاص، وبما يمكن أن يضيع بفعل التداول، وذلك لاتفاق اللغات في خلق المواثل والصور والعلامات للدلالة على المعاني. ومن المؤسف والمجحف في حق هذه المحاورة نسبة الآراء الواردة فيها مباشرة إلى الجاحظ، كما أن الانسياق وراء بناها السطحية يوقع في التضارب والخلل الكثير حول مفهوم الذات والغير، ويقضي بحضر تجول ثقافتنا ومفاهيمنا، ويؤدي إلى العزلة ورفض ثقافة ومفاهيم الآخر، وهي فكرة خبيثة ما لها من قرار تشابه تلك الخلية المسرطنة، التي لا تنفك حتى تنشر ما حبلت به في أوصال الجسد، وهي تعني انغلاق الأمة منذ أمد، لنكون بين أمرين أحلاهما أمر، ونورث مفهوماً مميتاً تدحضه الحقيقة التاريخية، وتكذبه أقلام المؤرخين، على مثال المؤرخ الإيطالي حين كتب عن هبة الإسلام للعالم: واعتبر نشأة العلم الإسلامي نتيجة حب المسلمين للعالم، وهو من دون شك أكمل مخزون من المعرفة بالعلم الطبيعي راكمته البشرية حتى ذلك الحين، وشغفهم بمحاكاة قسماته الدقيقة. وقد جلست أجيال من الدارسين أمام النصوص العربية تفك شفرة الرموز الغرائبية، في قاعات قراءة تمتد من سوريا إلى البرتغال( ). وها هو (الجاحظ) يلامس كيف تم لهم ذلك: المتنازع في المسألة والجواب ومناقلة اللسان وهدايته لا تجوزان مجلس صاحبه ومبلغ صوته، وقد يذهب الحكيم وتبقى كتبه، ويذهب العقل ويبقى أثره ولولا ما أودعت لنا الأوائل في كتبها، وخلدت من عجيب حكمتها، ودوّنت من أنواع سيرها حتى شاهدنا بها ما غاب عنا، وفتحنا بها كل مستغلق كان علينا؛ فجمعنا إلى قليلنا كثيرهم، وأدركنا ما لم نكن ندركه إلا بهم لما حسن حظنا من الحكمة، ولضعف سببنا إلى المعرفة ولو لجأنا إلى قدر قوتنا، ومبلغ خواطرنا، ومنتهى تجاربنا لما تدركه حواسنا، وتشاهده نفوسنا لقلت المعرفة، وسقطت الهمة، وارتفعت العزيمة، وعاد الرأي عقيماً، والخاطر فاسدا، ولكل الحد، وتبلد العقل( ). وقد شكا (عبد القاهر الجرجاني) من طبقات من الناس يتداولون فيما بينهم ألفاظا وعبارات للقدماء من غير أن يعرفوا لها معنى أصلاً، لأن الاعتبار بمعرفة مدلول العبارة لا بمعرفة العبارة( ). مما يتوجب بحق إعادة النظر في انبناء المفاهيم المشكلة والمورثة حول التراث العربي اللغوي، وهي بمثابة الشاهد على الغائب التي ندعو من خلالها إلى ضرورة وجود المؤسسة الثقافية وإعادة القراءة من خلالها لمراجعة بعض الأفكار المقولبة، والمفاهيم المسبقة والجاهزة حول ما لدينا، وما نمتلك من كتب.

ISSN: 2073-4042

عناصر مشابهة